حملتهُ أقدامه إلى قدرٍ مجهول لم يستطع فيه أن يخبر تلك الشاشة عن مأساتهِ واسمه. «مفقود المغرب» بعيداً عن السبب الذي جعله في ذلك المكان، فهناك ما هو أكبر من سبب وصوله، فتلك العينان مليئتان بالقصة الكاملة من ألمٍ ودموع متحجرة، وبعض من الكلمات المتناثرة على أسماع العابرين.

صدفة القدر حملتهُ إلى هناك وأيضاً صدفة القدر حملت قصته إلينا عن طريق شاشات جوالاتنا.

إنهُ من المؤلم في هذا العصر الرقمي أن تكون شخصا لا يُجيد استخدام وسائل السوشال ميديا لتتفاجأ بأنك أصبحت أنت اليوم حديثها في وقت قصير، ومن دون سابق إنذار.

عندما سُئل عن اسمه كان يحاول الهروب من الإجابة لأنه رمى حمله على قطعة من رغيف الخبز ورشفة من الماء الذي حاول به أن يسد عطش ألمه.

«السوشال ميديا» تلك الوسائل التي تحمل الملايين من القصص التي إما برضا أصحابها أو بغير رضاهم، وقد تكون وسيلة نجاة للبعض، وقد تكون ضارة، فما حصل مع «مفقود المغرب» قصة منجية كيف استطاع المنقذ أن يصور طوق نجاة المفقود، ويبعث رسائل نداء بأسلوب إنساني عبّر فيه عن تأثره ودوره أمام هذا المفقود.

ماذا عنك أنت؟ وماذا عنكِ أنتِ؟ كم من قصةٍ كنتم سبباً في نجاة أصحابها أو كنتم طرفا في تدمير أساس بنائها.

نحن بحاجة إلى نشر الوعي لأنفسنا أولاً ثم لغيرنا عن الدور الكبير الذي تقوم به تلك الكاميرا، وما هو واجبنا نحو ما يصل إلينا عبر جوالاتنا، فليس كل مقطع يستحق النشر، وليس كل محتوى يستحق الإشادة.

«السوشال ميديا» عالم كبير جداً أصبح بين أيدينا، فالمفقود فيها من كان لا يعلم بمن جعله محتوى له يتداوله إما لزيادة ربحه أو متابعته أو طوق نجاة له.

فلنعلم جميعا أن المسافات التي كنا نقضيها في رحلة العبور للمعرفة أصبحت قصيرة، فمن الأولى أن تكون ذا أهمية وفائدة لنا، فمع سرعة الوصول لا نكون أول من يصل بل علينا التوجيه الصحيح لخطواتنا وإن تأخرنا في الوصول.

كيبورد الجوال يصل لهدفهِ سريعاً فلنجعله هدفا إنسانيا وإن لم يوجد لنا هدف نتركه من دون ضغط يؤرقه.