لفت نظري مؤخرا مثلما لفت نظر غالبية المجتمع من مراقبين ومتابعين وكتاب ، توجه عامة الناس لخوض أعمالهم الحرة كتجربة قد تصيب وقد تخطىء.. الغالبية تتحدث عن حلم الاستقلال بعمل حر، يخلصهم من الخضوع للوظيفة! ولكن دخول هذا المجال، مخاطرة، وهذا الذي يجعل الغربال يعمل بنخل الشعب المتطلع وتصفيتهم إلى فئة قليلة وغالبيتهم من ذوي الدخل المرتفع أو ممن ولدوا في بيئة (ثرية) لا تهزهم الخسارات المحتملة.

تزامنا مع ذلك، ارتفعت أصوات الدورات التي تروج لكيفية الحصول على الثراء السريع من خلال استخدام عصا (المعرفة) السحرية!! وبمجرد الحصول على إحدى هذه الدورات - والتي غالبًا رسومها بأسعار فلكية - تكون قد حصلت على مفاتيح جميع الأبواب المغلقة، وهنا أتعمد ذكر كلمة (جميع) لتضفي جوا من المبالغة نشعر به ولا نراه.

ثم مع الوقت وبشكل مفاجىء، طفت على السطح نماذج لتجار (صغار) ولتجار (جدد) ولبعض المشاهير أيضًا ممن ينادون بالتخلي عن الوظيفة.

(اتركوا وظائفكم) الرسالة المبطنة من وراء تمجيدهم لمغامراتهم المالية، أو من وراء قصص كفاحهم المبالغ فيها.

ومن الملاحظ أن لهم في الترويج للفكرة الأساسية أساليب متعددة جذابة، يُسقطون بها مروجي الدورات، يغلب عليها طابع الاستفزاز والتحقير لتحقيق المزيد من الشهرة والربح غير المباشر أيضًا.

(دخلي السنوي من اليوتيوب 200 ألف أنت اش عذرك ؟)

(عدم حصولك على عمل خاص فيك مو صدفه هذا إهمال منك!)

مثل هذه التصريحات -المشوشة - التي يسهم في نشرها تطبيق مثل تويتر، قد تثير حماسة شباب لا يملكون بُعد النظر، ولا الظروف نفسها ولا الأحوال المادية ولا الإمكانات، ولا حتى الحظ التي يتمتع به مثل أؤلئك (المبعبعون). وأعتقد أنه تحريض بصفة الاستفزاز، له القدرة في أن يُقحم فئة ليست بسيطة، في دوامة بدايتها ترك الوظيفة والاستقرار المادي، إلى دوامة لا نهائية من الديون والصراعات والفشل في غالب الأحيان!

ونعود للقول: نحن مع التغيير وإحداث ثقوب في الجدار الصلب بالعزيمة والإصرار والاختيار الصائب.. نحن مع خلق عالم مستقل بعيدًا عن قيود العمل والوظائف، ولكن ما يحدث هو خلق حالة من عدم الرضا، واستحقار الذات، إنه أشبه بتحطيم علني، مرئي ومسموع لهمم الشباب الذين تحصلوا على وظائفهم بشق الأنفس.

وبصفتي أحد الذين يعضون على وظائفهم بالنواجذ أقول:

خلاص طفشتونا..