معلوم للجميع أن التعداد السكاني من أهم الأدوات لمعرفة رقعة الدولة ووحدتها الجغرافية، كما تكمن أهميته في حالات التنمية العمرانية والتخطيط الاجتماعي والاقتصادي لأغراض تنمية المجتمع، سواء فيما يتعلق بالقوى العاملة والهجرة المناطقية والتعليم والصحة والإسكان والخدمات الاجتماعية لحياة أفضل.

كما يساعد التعداد في التدارك المبكر للآثار السلبية الناجمة عن زيادة السكان بالشكل الذي يؤثر على انخفاض الادخار والاستثمار، والتي يعقبها انخفاض معدل النمو الاقتصادي، والتأثير السلبي على عملية خلق التراكمات اللازمة لعملية التنمية.

وفي مايو الجاري انطلقت أعمال التعداد العام للسكّان والمساكن لعام 2022، وهو أول تعداد بالبلاد منذ 12 عاما، والذي كان من المفترض أن يتم في 2020؛ لكن جائحة كورونا تسببت في تأجيله.

أذكر عندما كنت طالبًا بالجامعة قمت بإجراء دراسة حالة في بحث علمي عن الشباب من رواد الأعمال خاصة وسط خريجي الجامعات، فاصطدمت بشح المعلومات وعدم رغبة مجموعة من الأشخاص بالبوح بجميع التفاصيل المطلوبة، وفي بعض الأحيان الإدلاء بمعلومات مغلوطة، الأمر الذي جعلني في النهاية أعود إلى مشرف البحث لتغيير موضوع البحث.

وما أود أن أخلص إليه من هذه القصة أنه وفي هذا الشأن ومن باب التنبيه، هي مسألة توخي الدقة في طريقة جمع وتصنيف البيانات والتأكد من مصداقيتها، باعتبارها الأساس الذي تبنى عليه جميع خطط ومراحل التنمية.

ووفقا لتقرير رسمي صدر عن الهيئة العامة للإحصاء بحلول الأول من يونيو 2021 وهو آخر الإحصاءات أن عدد سكان المملكة بلغ 48 مليون نسمة بين المواطنين والمقيمين، بينما تتخطى أعداد المواطنين السعوديين من بينهم 35 مليون نسمة بواقع 35.013.414 نسمة.

وعليه هذا يقودنا إلى تنبيه القائمين على أمر التعداد للالتفات إلى شريحة من الناس موجودة داخل مجتمعنا، وهم مخالفو نظام الإقامة الذين لا يملكون أوراقا ثبوتية، وضرورة معرفة عددهم حتى تتم المعالجات اللازمة والبت في أمرهم.

وكلي ثقة في أنه لن يخفى على الباحثين من خلال التعداد السكاني التركيبة النوعية للسكان لمعرفة اتجاهاتهم وأنشطتهم ومدى الكثافة والازدحام وضغط السكان على موارد الدولة، كما أنها مفيدة في التجارة والصناعة، ويعتمد عليها المستهلكون والتجار لتوزيع السلع والخدمات.

ويعد هذا التعداد هو الخامس في تاريخ المملكة، ولا بد أن يسهم الجميع من مواقع مسؤولياتهم في حث المواطنين والمقيمين إلى التزام الدقة والمصداقية في المعلومات التي يتم الإدلاء بها، وذلك لما فيه تحقيق المصلحة العامة.

ويعنينا أيضًا من أمر هذ التعداد معرفة الفئة العمرية من 18 وحتى 45 عاماً وهي الأكثر إنتاجًا، وفي حال كانت هذه الفئة الأكثر تكون الدولة (فتية) وقادرة على تحقيق طموحاتها، كما ينبه أيضأ إلى الفئة العمرية من 60 وما فوق لأجل التخطيط لخدماتهم وما يضمن لهم حياة كريمة.

فمخرجات تعداد السعودية 2022 تساعد قطعًا صنّاع القرار في رسم السياسات الاقتصادية والاجتماعية والتخطيط لتطوير المدن والخدمات العامة، مما يساعد في تحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030.

ويستهدف التعداد جميع الأسر والأفراد من المواطنين داخل وخارج المملكة بصفة مؤقتة (أقل من 12 شهر) لأي سبب، كالعلاج أو السياحة أو التجارة أو الدراسة، ويتم عدهم ضمن أفراد أسرهم المقيمة داخل المملكة.

ونحن هنا نعود لنؤكد على القائمين بأمر التعداد التركيز على الجانب الإعلامي والتوعوي بأهمية التعداد وضرورة التعاون مع موظف التعداد الذي يقوم بالعمل الميداني بهدف الحصول على البيانات الدقيقة.

ورهاننا على الوعي الكبير الذي يتمتع به المواطن، وإدراكه أهمية عملية التعداد السكاني وما يمثله من خطوات نحو التنمية، وتقديم كافة المعلومات والبيانات المطلوبة طوال فترة العملية التي تستمر 35 يومًا، من خلال 3 طرق للمشاركة وهي: العد الذاتي عن طريق الموقع الإلكتروني الخاص بالهيئة العامة للإحصاء وتعبئة استمارة التعداد بشكل ذاتي، وكذلك زيارة محطات العد الذاتي، وأخيراً العد الميداني.