يُعد الطموح الباعث الرئيس، الذي يحرك الطاقات والإمكانات من أجل الوصول إلى الأهداف، وهو سمة تتوافر بشكل واضح لدى المبتكرين الذين يسعون لتحقيق إنجازات غير مسبوقة.

ويتميزون باختيار أهداف عالية المستوى، ولا ترضيهم مستويات الإنجاز العادية، بل يحرصون على أن تكون التحديات عالية ليتمكنوا من إرضاء ذواتهم، والحصول على النصر الداخلي، وتحطيم القيود، والوصول إلى الهدف مهما كانت الصعوبات.

وعلى الجانب الآخر يوجد الأشخاص ذوو الهمم المنخفضة، الذين يبحثون عن أبسط الأهداف، وأسهل الطرق للوصول إلى تحقيقها، ويتمنون أن تكون حياتهم كلها سهلة، وبدون تحديات، وعندما يتعرضون لاختبار أو محك عالي المستوى، يشعرون بالخوف، وينسحبون بسرعة، ويهربون من المواجهة؛ لأنهم تعودوا على السهل، بينما لو تذوقوا طعم المغامرة، وتحقيق الإنجاز بعد المثابرة خلال حياتهم لتغيرت إمكانياتهم، ولصارت التجربة المبنية على الطموح العالي الباعث على تحريك طاقاتهم باستمرار، ولتكونت لديهم القوة الدافعة نحو تحقيق الأمنيات في الحياة.

لذا فإن العديد من الدراسات تشير إلى أن الطموح يُعد من أهم أبعاد الشخصية الإنسانية، وهو مؤشر يمثل سلوك الإنسان في تعامله مع ذاته، ومع المجتمع الذي يعيش فيه، ويعزز التفاؤلية لديه، ويمكنه من التعامل مع الضغوط المختلفة في مجتمعه.

وهنا يتضح دور الأسرة والمؤسسات التربوية في تعزيز ثقافة الطموح العالي، من خلال رفع حواجز القفز في المهام التي تُعطى للأبناء في المنزل أو في المدرسة، وعدم الخضوع للطلبات المتكررة منهم في التخفيف المستمر عليهم، لأن التعود على السهل باستمرار يعرضهم لانتكاسة خطيرة عند مواجهة المهام الصعبة.

وهنا لابد من الاهتمام بالتدرج في تكليفهم بالمهام، ورفع حواجز القفز تدريجياً، وتكليفهم بمهام أدائية متنوعة، وتحفيزهم عند الوصول لمستويات إنجاز عالية.

ولا بد من الإشارة هنا إلى أهمية التمايز في نوعية ومستويات المهام التي تُعطى للأبناء، إذ لا بد من أن يُعطى الموهوبون وذوو القدرات الفائقة مهاما أدائية عالية المستوى تتفق مع إمكانياتهم لأنهم يملكون القدرة الكافية على تحقيق أهداف تلك المهام، كما أنهم يملكون الشغف نحو تحقيق الإنجاز المميز، وعند تكليفهم بمهام عادية لا تتوافق مع رغبتهم في الإبداع فقد يُصابون بخيبة الأمل، والانسحاب من العمل، والبحث عما يوافق طموحهم وشغفهم في أعمال أخرى ومهام قد لا يُدركون فائدتها، وقد تعود عليهم أحياناً بالضرر.

إن الرؤية المحلقة وهي حلمٌ مخططٌ له تُعدُّ سمة الأشخاص المميزين الذين يحققون مستويات رائعة من المنجزات التي لا مثيل لها، ويبعثون الأمل فيمن حولهم، ويجسدون الشغف الذي يشعرون به عندما يحدثون الناس، ليجددوا الأمل لديهم، ويدفعون بتجربتهم للملأ حتى تكون منارةً لكل من أراد التميز والإبداع، وهو ما جسدته أنامل دايم السيف في قصيدته الرائعة المليئة بالشغف نحو المعالي وتحدي الصعوبات للوصول إلى الهدف.

يا مدور الهين ترى الكايد أحلى

واسأل مغني كايدات الطروقي

الزين غالي لكن الأزين أغلى

ولكل شراي بضاعه وسوقي

النو عالي والسما فوقه أعلى

ولا فاق علم جاه علمٍ يفوقي

والصعب هلا قلت يا صعب سهلا

دامك تبيني فأنت يا صعب شوقي