بعد انتهاء معرض الكتاب في أحد الجامعات الأردنية، وكنت ذاهبا هناك حتى أقدم أحد كتبي لعملاق من عمالقة الأدب العربي.
قال لي بصوت خافت حتى لا يلفت الانتباه:
- هل تعلم أن صديقنا وذكر اسمه لي، محتاج للمال لإجراء عملية جراحية في ساقه في أسرع وقت.
طبعا فهمت ما الذي يريده، وعلى الفور أخرجت ما في جعبتي و وضعت المال في العلبة المعدنية دون أن يلاحظ أحد، وأنا متأكد بأنه ذهب إلى كل من هب ودب حتى يملأ علبته المعدنية بالمال، أعجبني تصرف صديقي، فلقد بادر دون تردد لمساعدة صديقنا عندما علم بأنه يحتاج لإجراء عملية جراحية.
روح المبادرة لا أجدها عند الكثيرين، بل وبتنا نرفضها ونلصق عليها مسميات قاسية وجافة لا تمت للواقع بصلة، كمقولة ما دخلنا نحن، ومقولة اتركه وشأنه، ومقولة لا تصدقه إنه يكذب، ومقولة نحن لسنا جمعية خيرية، وغيرها الكثير .
إن المبادرات تصنع المعجزات وتخفف من مشاكل المجتمع، وأنا هنا لا أركز على المبادرات المادية رغم أهميتها بل على المبادرات الفردية البسيطة، وكلٌ من موقعه، وأنا ما زلت أتذكر كيف أن أفرادا في مجتمعاتنا كانوا يعملون كخلية نحل على مدار اليوم عند بداية وباء كورونا اللعين، وهم ينقلون الطعام والدواء إلى أبعد نقطة لمحتاج وعلى نفقتهم الخاصة، لأنهم تربوا تربية صالحة محبة للخير والعطاء.