عندما تضطرب الأرض، تتهيأ فوهة البراكين لتنفث النار، وتحيل الكون إلى بوار.
وعندما يضطرب البشر، تتهيأ جراح العواطف ليتصدر المشهد طعنات «القلق»، ويتحول الحال إلى دمار.
هذا القلق الذي تربى على يد الهم والغم، ورضع التوتر ولم يفطم، نحن من سمحنا له بالتمدد واحتضناه بلا تردد، ورعيناه وكبرناه واحتويناه، حتى عاد ذاك الشعور المؤرق يتجذر بين جنبات النفس، يتخبأ كعدو لا يكاد يبين، يترصد بنا ويقتنص الفرص للانقضاض علينا، فلا نحفل بالمسرة ونعيش كل تفاصيل المضرة، فيتحول ذاك الشعور سيدا علينا، يتسيد المواقف ويجبر الجوارح على الانصياع تحت سطوته.
إن شعورنا بالقلق ولد في العقل ضجة وبلبلة، وفي النفس هزة وزلزلة، هذا القلق الذي يشعرنا بالغرق شيئًا فشيئًا، خيل إلينا أن طقوس الحياة حولنا توقفت عن النبض.
كيف لا!! وهو يطفيء ومضة الفرح، وينحر بسمة المحيا، ويئد لمحة البشارة في بكورها، فتأرجحنا بسببه بين الانغلاق والانعتاق، كل هذا الاضطراب يحتاج منا العودة إلى خط استواء العواطف، واتزان المشاعر.
كل هذا القلق والألم في الحقيقة ما هو إلا سوء أدب مع الله، وتدخل في تدابيره، وعدم رضا بما كتبه لنا، فرفع بعضنا راية الاعتراض، بدلا من الاستسلام والانقياد.
إن السبيل للخلاص من القلق وقبل الغرق في تبعاته، والخوف من الصدمات والتوتر المسبب لكل الأزمات، هو بالوقوف على عتبة التوكل على الله أولً، قبل العبور نحو بوابة التقبل والرضا!! وارتشاف بلسم الهناء.
،وحتى لا يسكننا الخراب وتسير في أروقة أرواحنا اللذة، وتسقي تروس أفئدتنا المتعة بالنعم، وتجري في شرايينا السعادة ونستطعم الفرح، ونتذوق راحة البال وطيب الخاطر، علينا أن نحظى بمراهم الرفق بذواتنا، والرضا بما هو لنا، ولا نمدن أعيينا لغيرنا، حينها نقول أهلا ومرحبا بالحياة.