يقول سيدنا ابن عباس، رضي الله عنهما، تليت هذه الآية عند رسول الله صلى الله عليه وسلم {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ}، فقام سيدنا سعد بن أبي وقاص، رضي الله عنه، فقال يا رسول الله ادع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة، فقال له صلى الله عليه وسلم: «يا سعد أطب مطعمك؛ تكن مستجاب الدعوة، والذي نفس محمد بيده، إن العبد ليقذف اللقمة الحرام في جوفه، ما يتقبل منه عمل أربعين يوما، وأيما عبد نبت لحمه من سحت؛ فالنار أولى به»، الحديث رواه الإمام الطبراني، وهو وإن تكلم البعض في درجته؛ إلا أن معناه ثابت في أحاديث أُخر، كالحديث الذي رواه الإمام مسلم، عن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: «يا أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ}، وقال {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقْنَٰكُمْ وَٱشْكُرُواْ لِلَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ}، قال وذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يده إلى السماء: يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام؛ فأنى يستجاب لذلك»..

المطعومات الحلال باب من أبواب إجابة الدعاء، ومن أجل ذلك ظهرت وما زالت أزمة قديمة عن مسألة اللحوم الحلال، بسبب طريقة الذبح التي تتم في بعض المسالخ، والخارجية منها بدرجة أكبر؛ والمؤسف مكابرة البعض عن الاستماع لحقيقة الأمر، وأن الذبح الحلال لا يتم بصورة شرعية كما هو معروف، فبعض المسالخ بالخارج، ومن باب الرفق الموهوم بالحيوان، تضرب الذبيحة بمسدس في الرأس، ولا تتحرك الذبيحة بعده أبدا، وهذا دليل على موتها قبل الذبح، وبعضها تستعمل طريقة التدويخ بالكهرباء، أو باستعمال ثاني أكسيد الكربون كمخدر، أو بالمسدس الواقذ ذي الطلقة المسترجعة، أو بالمسدس الصادم، أو بواسطة حوض مائي مكهرب؛ ويؤدي الصعق لموت نسبة عالية من الحيوانات قبل أن تذبح، لا سيما المصعوقة بالمسدس الواقذ، وخصوصا الدواجن التي تمر على المغطس المائي المكهرب، والتي تتفاوت نسبة وفياتها بحسب قوة وضعف الصعق الكهربائي من ناحية، وبحسب ضعف الدواجن وقوتها من ناحية أخرى، وتجاوزت، وبحسب تحقيق نشر عام 2011، نسبة الدواجن التي تعتبر من الميتة سواء بالصعق، أو بالذبح بالسكين الآلية 25 % في بعض الدول..

المطلوب، حتى نكون من الذين تجاب دعواتهم على الأقل، ألا نستورد، ولا نأكل إلا مما تم ذبحه يدويًا، ولا نسمح إلا بالذبح اليدوي المجرد من الرفق الكاذب، وهذا هو الذي تشترطه بعض الدول، وبعض المؤسسات، والمطلوب الأكبر هو تعزيز صناعة الأكل الحلال بشكل كبير، وخلق مساحة جديدة لتصنيع اللحوم وتصديرها، واستيرادها إن لزم الأمر، وعدم تغميض العيون عن الاعتراف بأن هناك أشكالا خاطئة في مفهوم الحلال بالخارج، ومعرفة بأن المنتج حلال، لا يمكن أن يكون دون تحقيق المتطلبات الشرعية، التي تعكسها المواصفات القياسية.