تشير كثير من الإحصائيات والبحوث التي أجريت في كثير من الدول إلى أن الطالبات يتفوقن دراسيا على الطلاب، وأكدت إحصائيات ونتائج الامتحانات هذا الأمر في أكثر من عام سابق.

ووفقاً لما نشره موقع «تي آر تي TRT» فإن هناك عددا من الأسباب والعوامل التي تم إثباتها خلال الأعوام الماضية تؤكد تفوق الإناث على الذكور في الدراسة، من بينها عوامل ثقافية وأخرى اجتماعية وتربوية، وثالثة نفسية.

وأظهر استطلاع أجراه مركز أبحاث المدن والنمو السكاني بمعهد شنغهاي الصيني للعلوم الاجتماعية أن نتائج الإناث في المدارس الابتدائية والثانوية أعلى من نتائج الذكور في جميع المواد تقريبا، بما فيها نتائج اللغة الأجنبية وحتى الرياضيات والفيزياء والكيمياء التي كان يتعتقد أنها مجالات تفوق الذكور، حيث تحقق فيها الإناث نتائج أفضل بكثير من الذكور.

انضباط أشد

فسرت دراسات أن انضباط الإناث أكثر من الذكور من سن الحضانة، وذلك بحسن الإصغاء إلى التعليمات واتباعها بدقة، والانتباه وإتمام الواجبات وحسن التنظيم.

وفيما يبدأ الأطفال الذكور في نهاية الحضانة باكتساب مهارات تنظيم النفس، تكون البنات قد بدأن مرحلة الحضانة بإتقان هذه المهارات، أي أن الفتيات يكتسبن قدرات ضبط النفس والانضباط الذاتي لترافقهن حتى مراحل الدراسة المتقدمة.

وكانت دراسات سابقة أجريت في جامعة بنسلفانيا (Martin Seligman and Angela Lee Duckworth) قد كشفت أن الفتيات أشد قدرة على الانضباط الذاتي الذي يجعلهن أكثر قدرة على فهم تعليمات الامتحان قبل البدء بالإجابة على سبيل المثال.

ولدى الحيرة بين الترفيه والواجب تلبي الفتيات نداء الواجب رغم الملل والإحباط من عدم مشاهدة التلفزيون من أجل أداء الواجبات، فيما يفضل الذكور مشاهدة التلفزيون بدلا من أداء الواجب.

مقولة ضعيفة

تشير صحيفة «ذي أتلانتيك» إلى أنه على مدى قرن كامل تبين ضعف مقولة تفوق الأولاد على البنات في الرياضيات والعلوم، فقد تواصل تفوق الفتيات على مدى قرن كامل بتحصيلهن علامات أعلى من الذكور.

وأجرى مؤلف الدراسة الدكتور دانيل فوير وهو أستاذ في جامعة برونسويك الكندية تحليلا على أداء الإناث والذكور شمل أكثر من 30 بلدا بما فيها دول عربية مثل السعودية والأردن منذ عام 1914 وحتى 2011، تبين أن ميزة الإناث أبرزت تفوقهن في علامات المدرسة (للأنشطة داخل الحصص) بغض النظر عن المادة والمساق، وتعكس الدرجات مكتسبات التعليم في سياق اجتماعية أكبر من الصف ذاته أي تستدعي الإصرار والمثابرة على مدى فترات أطول، فيما تقيم الامتحانات القدرات الأساسية أو القدرات الأكاديمية المتخصصة في مرحلة معينة من سيرة الطالب أو الطالبة الدراسية دون المؤثرات الاجتماعية.

عينات

دقق القائمون على الدراسة في 369 من عينات الدراسات التي شملت نتائج 538.710 شابا و595.332 فتاة، من كل من السعودية والأردن والولايات المتحدة (حصتها بلغت 70% من العينة) ودول عدة أخرى في كل القارات. وجرى تقييم الفارق بين درجات يمنحها المعلم أو المعلمة أو الدرجات الرسمية التي تم إحرازها في الامتحانات عن المراحل الابتدائية والوسطى والثانوية والجامعية.

عوامل متباينة

فسر قائمون على أبحاث جديدة تفوق أداء الإناث مقابل أداء الذكور في الدراسة، بعوامل اجتماعية وثقافية، مشيرين إلى أن الأهل يفترضون أن الأولاد أفضل من البنات في الرياضيات والعلوم مما يدفعهم لتشجيع البنات على الدراسة أكثر، ويؤدي ذلك إلى تفوقهن.

كما يلعب أسلوب التحصيل العلمي المختلف لدى كل من البنات والأولاد دورا في تفوق الإناث، اللاتي يسعين عادة للتركيز على فهم المادة، فيما يسعى الذكور للتركيز على تحقيق النتائج النهائية من دراستهم.

تفسيرات مختلفة

يرى متخصصون في المجال التربوي أن الإناث يتميزن على أقرانهن بالدراسة، ولا يرون في الأمر صدفة عابرة، بل حصيلة فعلية اكتسبنها من نشاطهن الدراسي وحبهن للقراءة، وإصرارهن على إبراز أنفسهن بالمجال التعليمي.

الحافز اللاشعوري

يؤكد المتخصص في التدريب والإشراف التربوي المدرسي عبدالرحمن أحمد أن «الحافز اللاشعوري» للفتاة أو للمرأة بصفة عامة هو الذي يدفعها لبذل مجهودات أكبر لتحقيق التفوق والنجاح في مشوارها الدراسي، سواء بقيامها بإثبات ذاتها، خلال المرحلة التعليمية الإجبارية بدءا بالطور الابتدائي ووصولا إلى مرحلة التعليم العالي «الجامعة»، أو حتى خلال مرحلة التعليم غير الإجباري، حين تتمكن الفتاة من احتراف مهنة بجدارة واستحقاق كبيرين، بعد تخرجها في مراكز التكوين، سواء في مجال الخياطة، الحلاقة أو حتى الطبخ ومهن أخرى، وذلك بغية حصولها على "مكانة" لائقة بالمجتمع الذي تعيش فيه، مؤكدا في ذات السياق؛ أن ذلك "الحافز اللاشعوري" يعد بالعامل الإيجابي أو بمثابة "الأكسجين" الذي يمنحها هامشا من الحرية، بخاصة وأن المرأة تدرك جيدا أن الفرصة الوحيدة للحصول على "مكانة مرموقة" في المجتمع، هو "مواصلة الدراسة" تحت أي ظروف، المهم هو تحقيق الذات وفقط.

الطالبات أكثر انضباطا

تقول قرفة محمد الفقير، وهي معلمة متقاعدة أن الطالبات أكثر تفوقا من الطلاب بكل تأكيد فالفتاة أكثر حرصا وأكثر انضباطا، وهي شديدة في النظام والتخطيط والدقة وتسعى للقمة على الرغم من الصعاب مهما واجهت حتى تحقق مطلبها، وملكة الحفظ لديها قوية وذكية ذكاء مبهرا، وقد لمست ذلك من خلال متابعتي لطالبات الثانوية العامة، ووجدت من حرصهم وفهمهن ما أذهلني.

التفوق نسبي

يرى المرشد الطلابي علي مانع آل عقيل أن التفوق الحقيقي نسبي حسب صدق المعايير وموضوعيتها، لكن الواقع يعطي نتائج وأرقاما غير صادقة المعايير للأسف، ويقول «البنات غالباً ما يهتممن، كما تعتمد المعلمات على التلقين والحفظ وتحديد المناهج قبيل الاختبارات، وهذا يجعل النتائج كبيرة والدرجات عالية، وطبعاً ليس الكل، لكن الأغلبية، يهتمون بالشكل والترتيب والتقارير الورقية».

ويضيف، «في تعليم الطلاب غالباً لا يكون هناك تحديد، وتكون الرقابة صارمة لذا تأتي الدرجات في مستوى أقل من الطالبات».

ويواصل «عموماً وبعيداً عن نوع المتعلم، فإن ارتفاع التحصيل العلمي والدرجات لا يعني بالضرورة أن الذكاء لدى الطالب أو الطالبة مرتفع أو أفضل من آخرين حاصلين على تقديرات أقل منهم... الذكاء والمهارة تحتاج لاكتشافها ميادين وأنشطة ومسابقات لا صفية تعطي المتعلم فرصة عملية لتبيان مهاراته وقدراته العقلية لتجاوز العقبات والتعاطي مع الظروف».

الرغبة والدافعية

يوافق المعلم عبدالخالق صالح الفقير أن الطالبات أكثر تفوقا بسبب تفرغهن للأعمال المنزلية، والرغبة والدافعية في التعلم، والرغبة في تكوين مستقبل وظيفي تعول نفسها وأولادها بعد الزواج، ولعدم الاعتماد عليهن بجلب المتطلبات المنزلية بسبب العادات والتقاليد، وكذلك قلة الخروج من المنزل، وفوق كل ذلك حرص المعلمات يقابله حرص من الطالبات لأن التشجيع يثمر فيهن".

التزام وإبداع

يبين أحد معلمي التأسيس عبدالله الفقير أن الطالبات أكثر التزاما بالدروس والمدرسة والواجبات والمذاكرة والحفظ، ولكن الطلاب أكثر إبداعا وفهما وخبراتهم في الحياة أكثر، لذا لديهم الاستطاعة على استخدام ما تعلموه بشكل مثالي وأفضل، أما الطالبات فهن بطبعهن نمطيات ولا ننسى أن معظم المبتكرين والمبدعين والمخترعين رجال.

استغراب

على الرغم من ثبوت تفوق الطالبات مقارنة بالطلاب قياسا للنتائج، وإن كانت المنافسة لا يجدر أن تخضع لمعايير جنس الطالب (ذكر أم أنثى)، إلا أن هذا التفوق لا ينعكس في الناحية العملية في الحية العملية، حيث ما زال الذكور يتصدرون مقاعد القيادة في معظم الوظائف وغيرها.

ظاهرة عالمية

يبدو تفوق الطالبات ظاهرة عالمية وعربية، فعلى المستوى العربي أكد تقرير صدر عن منظمة اليونيسيف تفوق الإناث على الذكور في جميع الميادين الأكاديمية تقريباً.

ويظهر أن الطالبات أقل ميلاً للتشتت وأشهد تركيزا وتجاهلا للملهيات من الطلاب.

وتشير دراسات علمية إلى أن الطلاب يتعلمون أكثر بالنظر، بينما الطالبات يتعلمن أكثر بشكل شفهي ومكتوب.

وتتفوق الطالبات في مهارات الاتصال مقارنة بالذكور، وهن أكثر نشاطاً خلال المحادثات.

ظاهرة عالمية

يعتقد أكاديمي عمل في تدريس الطلاب والطالبات أن فارق تفوق الطالبات على الطلاب يبدو جليا في درجات الاختبارات، والمواظبة والحضور وتسليم التكليفات الوظيفية، وحتى جودة البحث.

ويوضح أن رؤية الطلاب لتفوق زميلاتهن الطالبات تتمحور حول تفرغ الطالبات أكثر من الطلاب، ويعتقدون أن هذا الأمر هو ما يجعلهن يحصلن على علامات أعلى.

لماذا تتفوق الطالبات على الطلاب

ـ انضباط الإناث أكثر من الذكور

ـ الطالبات يحسن الإصغاء إلى التعليمات واتباعها بدقة

ـ الطالبات أكثر انتباها وإتماما للواجبات وحسن التنظيم

ـ الفتيات أشد قدرة على الانضباط الذاتي

ـ الفتيات يلبين نداء الواجب رغم الملل والإحباط

ـ للطالبات رغبة أشد في إثبات الذات

ـ ملكة الحفظ لدى الطالبات أقوى

ـ الطالبات متفرغات ولديهن الدافعية في التعلم

ـ لديهن رغبة في تكوين مستقبل وظيفي