في وقت كان سكان أحياء جدة التي نصبت فيها جسور للمشاة ينتظرون أن تقدم تلك الجسور خدماتها للجميع بمن فيهم كبار السن وذوو الاحتياجات الخاصة، خلت تلك الجسور من المصاعد، وبات استخدامها مستحيلا على هاتين الفئتين تحديدا، ناهيك عمن يعانون بعض الأمراض والآلام من استخدام درجات السلالم، وتحولت لتكون حاملة فقط للوحات الإعلانية وكأن استغلالها في الدعاية أولى من أن تقدم ما أنشئت لأجله من أغراض تتعلق بسلامة المشاة، وتسهيل حركة المرور في المناطق التي يتم اختيارها لبناء تلك الجسور.

كما أسهم عدم توفر تلك الجسور في مواقع تخدم المشاة على الأخص في الأحياء التي تشقها الطرق السريعة في زيادة المعاناة من وجودها.

اختيارات لا تلبي الحاجة

أوضح المعلم عبدالرحمن القحطاني، وهو أحد ساكني مخطط الحرمين في جدة، أن المخطط الذي يقع على طريق الحرمين السريع، يفتقر لوجود جسور مشاة، مما يصعب على سكان الحي الانتقال إلى الحي المقابل (حي المنار) أو العبور إلى مول الياسمين.

وقال «لا بد من اختيار مواقع جسور المشاة حسب الطرق المحيطة بها، وبالأخص في الأحياء ذات الكثافة السكانية، لا أن يكون الأمر مجرد وضع جسر للدعاية والإعلان، وحسب رغبة شركات الإعلانات المستفيدة من تلك الجسور أكثر من المواطنين».

الإعلان اللافت

يشدد محمد الغامدي وهو موظف في قطاع الدعاية والإعلان على أن معظم شركات الدعاية والإعلان تحرص على الإعلانات على جسور المشاة واستغلال تلك المساحة التي تبرز الإعلان بشكل لافت، وبالتالي تجذب أكبر عدد من المستهدفين إما لمنتج معين، أو لشركة أو مؤسسة محددة، وقال «تركز شركات الإعلانات على استقطاب المستثمر والشركات لتعلن على تلك الجسور بعد الاتفاق مع الجهات المختصة التي تشرف على تلك الجسور، وفي النهاية لا نستطيع أن ننكر أن الهدف الاستثماري لتلك الجسور واضح، وربما هدف بحت، أو متصدر للأهداف، وتأتي بقية الأهداف بعده».

إزعاج بصري

ترى آمنة الغامدي، وهي موظفة في مؤسسة في القطاع الخاص أن معظم جسور المشاة الموجودة في جدة تفتقر للتصميم الذي يجعلها تؤدي غرضها الذي تستهدفه جسور المشاة في كل مكان وهو ضمان سلامة المشاة في تنقلهم خصوصًا في الأماكن المكتظة بالحركة المرورية، كما تضمن انسيابية تلك الحركة دون عوائق ومخاطر، وقالت «لعل غياب المصاعد الضرورية لكبار السن وذوي الاحتياجات وحتى لبعض المرضى تقلل حجم الفائدة من وجود جسور المشاة، كما أن اكتظاظها باللوحات الإعلانية يحول النظر عن دورها الأساسي ويركز أكثر على أنها باتت وسيلة استثمار أكثر منها وسيلة تأمين وسلامة».

وأضافت «تستغل معظم جسور المشاة في نشر إعلانات تجارية أغلبها بشاشات متحركة عريضة، وإضاءات تضر أعين المارة، وتزعج حتى سائقي السيارات العابرين تحتها، ولذا لا بد من إعادة النظر فيها، ولا بد أن تراعي الجسور حاجة المشاة إليها، وأن تتموضع في أماكن الكثافة السكنية، وأن تكون مجهزة بمصاعد».

الأولوية لماذا

في تويتر تفاعل كثير من المغردين مع فكرة وإنشاء جسور المشاة، ومع فكرة استثمارها كمساحات إعلانية، وانتقد كثير من المغردين طغيان الهدف الاستثماري على بقية الأهداف، وكتب أحد المغردين في تويتر أن «مشاريع إنشاء جسور المشاة بجدة تعطي الأولوية القصوى للإعلانات التجارية، فلا مصاعد لكبار السن، ولا تموضع في مواقع تخدم الأحياء التي تشقها الطرق السريعة».

والغريب أن كثيرا من المغردين تحدثوا عن أن بعضًا غير قليل من اللوحات الإعلانات على جسور المشاة تستخدم مولدات الديزل، مع تركيزهم على مضار تلك المولدات، وعن استغرابهم لاستخدامها في وقت تتجه فيه المملكة نحو تحقيق السعودية الخضراء وتتعهد بخفض الأثر الكربوني، وتخطط لنشر السيارات والحافلات الكهربائية، وهو حديث نفته أمانة جدة التي أكدت لـ«الوطن» أن اللوحات الإعلانية على جسور المشاة في المحافظة تستخدم الكهرباء.

توضيح الأمانة

بين المركز الإعلامي في أمانة جدة أن هناك بعض جسور المشاة الاستثمارية في المحافظة تعمل حاليًا وبشكل مؤقت بمولدات كهربائية، لحين إيصال التيار الكهربائي إليها من قبل شركة الكهرباء.

كما أوضحت الأمانة أن جميع جسور المشاة الاستثمارية التي تم إنشاؤها حديثا يوجد فيها مصاعد حيث تم تصميمها لتلبي حاجة الجميع.

مبررات التذمر

ـ الجسور لم توضع في أماكن تراعي الكثافة السكانية

ـ بعض الجسور تفتقر إلى المصاعد وبالتالي لا تخدم الكبار وذوي الاحتياجات

ـ الغاية الإعلانية من الجسور تطغى على هدفها الأساسي

ـ بعض الإعلانات مؤذية بصريا للمشاة وحتى السائقين