طبيعة وسنن الحياة أوجدت أمراضًا تصيب الجسم فتحدث ضعفًا أو خللًا في الوظائف، أومعاناة للشخص المُصاب، حيث تتفاوت طبيعة المرض ودرجاته من شخص لآخر .

ومن هذه الأمراض ما يطلق عليه "المرض الصامت"، والذي يعاني المصاب به صروف الألم والإرهاق والعذاب من دون أن تظهر أعراضه لمن حوله أو حتى يشعروا بمرضه، كما أن هذه التسمية تأتي كذلك من حقيقة أن المرض وحتى في فترات التحسن حين لا تبدو أي أعراض على المريض يكون نشطًا في جسم المصاب ولا يتوقف عن التقدم، وبذلك يكون المريض وحده الذي يشعر بالألم فيما يراه من حوله معافى وسليمًا، وأعني بذلك مريض "التصلب اللويحي MS".

والتصلب اللويحي أو المتعدد هو مرض عصبي مزمن يصيب الجهاز العصبي المركزي ويؤثر على الدماغ والحبل الشوكي، كما يسبب تلفًا في الغشاء المحيط بالخلايا العصبية والذي يدعى المايلين؛ مما يؤدي إلى تصلب في الخلايا وبالتالي بطء أو توقف سير السيالات العصبية المتنقلة بين الدماغ وأعضاء الجسم، وله مسببات تعمل على تنشيط وتحفيز الهجمات المرضية للمصاب مثل تعرضه للإرهاق أو درجات الحرارة المرتفعة أو السهر وعدم إعطاء الجسم الراحة الكافية إضافة إلى الضغوط والتورات النفسية وغير ذلك.

وهنا يأتي دور الأسرة والمجتمع في تشجيع مريض التصلب اللويحي وإزالة مخاوفه حتى يستعيد عافيته ويستطيع ممارسة حياته الطبيعية، وكذلك دور هيئات ومنظمات المجتمع المحلية في تبني أفكار وبرامج تهتم بهذه الفئة.

فعلى الرغم من وجود جمعيات ومبادرات تعنى بمرضى التصلب اللوحي أو المتعدد والتي كان لها الأثر الطيب في التوعية بهذا المرض وتوفير بعض الخدمات لعدد من المصابين فإنها لا تعدو كونها اجتهادات نرى محدودية أعمالهم في إطار نطاق جغرافي معين وعدم شمول بقية مناطق المملكة، وهي بحاجة إلى دعم للقيام بمسؤولياتها.

والأجدر أن يتم إنشاء جمعية لأصدقاء مرضى التصلب اللويحي (MS)، تتبنى استراتيجية صحية واضحة لدعم وتمكين المرضى في كافة مناطق المملكة ضمن مظلة موحدة ومعترف بها من الجهات الرسمية ذات العلاقة، ويقوم عليها نخبة من ذوي الاختصاص من أطباء واستشاريين وإداريين بهدف نقل المعرفة وتوعية المرضى والمجتمع على حد سواء بهذا المرض وتشكيل صوت حقيقي لتوفير الخدمات اللازمة لمرضى التصلب اللويحي، وكذلك التنسيق مع الجهات الأخرى لتمكين المرضى وتسهيل احتياجاتهم العلاجية، ومنها العلاج الطبيعي الذي يعد من أهم البرامج العلاجية لمرضى التصلب اللويحي وما يشكله من نقله نوعية على صحة المريض وتعافيه.

كما تسهم الجمعية في علاج حالة المريض ذاتيًا، من خلال توفير وسائل وطرق لتثقيف المريض والمحيطين به (الأسرة، الأصدقاء، بيئة العمل) وتمكينه من رعاية نفسه عن طريق توفير معلومات متناسقة ودقيقة لتمكنه من إدارة حالاته ومواعيده. حيث أثبتت التجارب المحلية أن المرضى المصابين بأمراض شبيهة أو مماثلة للتصلب اللويحي، والذين يُشاركون في علاج أنفسهم يحققون صحة أفضل وحماية أكبر وأنه في المقابل يحتمل أن يواجه المرضى الذين لا يستطيعون إدارة حالاتهم ذاتيًا، مزيدًا من الظروف الطارئة أو مضاعفات أكثر خطورة للمرض.

لا يفوتني أن أنصح مرضى التصلب اللويحي بتجنب المهام الصعبة، والحرص على تناول الغذاء الصحي، مع ممارسة رياضة تناسب حالتك الصحية، وتجنب الحرارة المرتفعة، والاسترخاء، والتركيز على الإيجابيات، وتدوين الملاحظات، فضلاً عن الالتزام بالجرعات الدوائية وجلسات العلاج الطبيعي ومتابعة الطبيب بشكل مستمر.