مشروع تمكين المرأة في المملكة هو في أصله حقوقي، وليس كما يعده البعض ‏مشروعًا اقتصاديًا، يحق له أن يبدي رأيه فيه أو يقيم أداءه، أو يحشر نفسه فيه كمستشار أسري وتربوي ونفسي أو حتى فضائي.

‏الحقيقة أن البعض لديه مشكلة منذ الأزل بكل ما يعنى المرأة، بدئًا من محاولة إلباس العادات والتقاليد بلباس أيدولوجي، وإقناع الناس بذلك على أنها متطلب شرعي، وبما أنها غير ذلك ولا يوجد ما يستند إليه في الشرع من أدلة سوى أحاديث موضوعة وضعيفة، صيغ عدد مهول من الشعارات الضابطة للعادات والتقاليد المتشددة، ونشرت وعوملت على أنها أحد مصادر التشريع والضبط لسلوك البشر، والأغرب أن وقعها على أنفس البعض أشد وأقوى من التشريع الرباني أو النبوي الكريم الميسر، فظهر شعار «هل ترضاها على أختك؟!» وشعار «مقياس الرجولة من عباءة أهله»، وغيرها من الشعارات ‏التي كانت مادة رئيسة تروج في الكتيبات والمطويات وأشرطة الكاسيت واللوحات الإعلانية العامة.

وكل وسائل التغذية السابقة من الطبيعي أن تعود بتغذية راجعة تجتر فيها كل الوجبات الغذائية التي التهمتها سابقًا، لتسطربه أفعال وسلوك وحقوق المرأة كجهة نصبت نفسها وصية عليها حتى قيام الساعة.

‏لم يكن لباس الأيدولوجيا فقط هو ما أرتُدي على (استيج) المجتمع، قطعًا فهناك عروض أزياء متنوعة ودور تصميم عالمية ومحلية متعددة طالبت هي الأخرى بعدم إلباس المرأة حقوقًا تغريبية حتى لو كان للشرع وجهة نظر مختلف عليها نحو مطالباتهم؛ كما حدث مع الاختلاط أو الرياضة النسائية أو البيع في المحلات التجارية أو فتح أبواب الوظائف بشكل يشمل ولا يقصي.

‏ألبس التغريب هو الآخر غطاءً شرعيًا وامتزج الاثنان بشكل غير متجانس وبصورة تجاوزت القدسية إلى خلط الدين بكل شيء والزج به في كل شيء حتى ألتفت حوله أيد تجيد نسج التطرف والغلو بكل احتراف، وفي كل مرحلة، حسب ما تقتضيه من مصلحة فتصمم شعارات تناسبها، ليس للدين وقيمه العظيمة علاقة بها، ولكنه سيلبسها وسيقبل على شرائها الأكثر استغلالا لعواطفهم، كما يحدث الآن على سبيل المثال في شعار (حرية الملبس والاختلاط، هما سبب رئيس للتحرش والقتل)!

هذه الدور التي احترفت تصميم الشعارات ضد كل من يقف أمام مشروعها المحافظ في ظاهره، والرجعي في جوهره والمشتبه به سياسيا في أجندته ، لابد أن نعي جيدًا أنهم أشد خطرًا على المجتمع من أي عدو ظاهر، وأننا بحاجة إلى قوانين حازمة تضبط فوضى عبثهم وتحريضهم أفراد المجتمع، خاصة كل ما يعنى بالمرأة ومشروع التمكين ونجاحه، وبأمس الحاجة إلى وضع حد لكل جهة تصعد الخلاف وتزيد الاحتقان، بين المرأة والرجل ومعالجة هذه الثغرة بالقوانين والأنظمة، وبمحتوى ثقافي وإعلامي، لا يميز بين طرف وآخر كوصي ولا كمقصي.