عندما نُمعن النظر في التنوع الثقافي الذي تمتاز به كل مدينة من مدن المملكة، سنجد اختلافًا ملحوظًا في السمات الطبيعية، وتباينًا واضحًا في الحِرف والصناعات المحلية التي تميّز كل منطقة عن الأخرى، وثقافات متعددة ومختلفة، وإرثًا تاريخيًا وحضاريًا يعبر عن هوية تلك المنطقة.

كما أن المملكة من شرقها إلى غربها، ومن شمالها إلى جنوبها، زاخرةٌ بالنقوش الأثرية، والفنون التشكيلية، والآثار التاريخية، التي مازالت شاهدة على الحضارة والأصالة العريقة في وطننا الغالي.

والقَط العسيري؛ هو أحد هذه الفنون التجريدية، التي تتميز بها المنطقة مُنذ القِدم، وهو عبارة عن نقوش وزخارف ذات أشكال هندسية متماثلة ومتناسقة، لتزيين المنازل، والساحات، والمرافق العامة، وارتبط هذا الفن بالحياة الاجتماعية، ليعبّر عن مدى توافق المجتمع المحلي مع الطبيعة وأثرها الإيجابي عليهم، وقد تم اختيار هذا الفن كتراث ثقافي غير مادي من قِبل منظمة اليونسكو في عام 2017.


ويعتز سكان المنطقة بتراثهم الحضاري الذي يُعتبر بصمة خاصة بهم تُميزهم عن غيرهم، حيث إن الطابع المعماري في عسير لا يخلو من هذه النقوش والزخارف البديعة، التي لها دلالات ومعان مستوحاة من الطبيعة، وتُضفي للمكان الذي تتزين به زهوًا وجمالًا.

وقد برز القَط العسيري في الجانب السياحي بشكل كبير، حيث ظهرت الكثير من اللوحات الجدارية، والملامح الفنية، في الفنادق والمنتجعات السياحية، وأروقة وشوارع المدينة، بأيدي عسيرية محترفة تُجيد هذا الفن الأصيل وتتقن كل تفاصيله.

وتم التوسع في نشر هذا الفن، حيث تم توظيفه في العديد من المصنوعات؛ كالأواني والفخاريات، والملبوسات، وتتجلى في الصناعات المحلية، والمنسوجات اليدوية، التي تلفت الأنظار، وتستهوي الزوار بجمالها وجودتها العالية.

وختامًا.. فإن الاعتزار بالعادات والتقاليد، والتراث المحلي يسهم في الحفاظ على الإرث الحضاري والتاريخي لكل منطقة، وكما يقال «اللي ما له أول ما له تالي».