في الفيلم المصري «صاحب المقام» بطولة يسرا، كانت القصة عن «متعفرت» يملك مجموعة شركات تعمل في مجال هندسة الاتصالات خارج مصر، وتم اختطاف جزء من عمال شركته مقابل فدية، فاختار المال على حياة عماله، وهكذا دارت بداية الأحداث في الفيلم، إذ لم يلق بالا لمناسبات زوجته أو ولده بل هم على الهامش مقابل انشغاله بجمع المال، ظنا منه أن توفير قصر فخم وسيارة فارهة لأسرته تغنيهم عن روح الأب الحقيقية.

المهم أن هذا «المتعفرت» قد هدم مسجدا ليقام بدلا عنه مشروع ربحي، وكأنه منذ تلك الخطوة قد حلت عليه لعنة أدخلت زوجته العناية المركزة لترقد في غيبوية غير معروفة الأسباب، وبقيت على هذا الحال عدة أشهر، كانت كافية بأن تجعل هذا الأب يعود له جزء من «روحه» بالالتفات الحقيقي لأسرته، وكان في ذلك المستشفى يقابل «روح» وهو دور تقوم به النجمة «يسرا» إذ تخرج فيه بعدة شخصيات غامضة، فأحيانا تكون ممرضة وأحيانا حارسة أمن وأحيانا تطل عليه في المسجد، وأحيانا يجدها سيدة متحجبة في بعض الأحياء الفقيرة التي أصبح يزورها لتلبية احتياجات الفقراء، إذ أبلغته تلك «الروح» أن اللعنة التي حلت عليه هي بسبب أذيته لأحد بيوت الله، فلم يكن منه إلا أن ذهب لمساجد عدة وبدأ يلم رسائل المحتاجين التي يتركونها في ظروف مغلفة داخل صناديق المساجد، ويبدأ بالبحث عن صاحب الرسالة ويحل مشكلته خصوصا إن كان حلها بالمال، وكيف أن زوجته قد بدأت تعود لها عافيتها على قدر ما يقدم زوجها هذا من مساعدات للمحتاجين، حتى أتى يوم قبل نهاية الفيلم وسأل «روح» بقوله لها (انتي مين؟)، فقالت (مش مهم أنا مين، المهم أنا ليه؟).

ما أريد قوله أننا أرواح قبل أن نكون مديرين أو وزراء أو حتى غفراء، بل حتى قبل أن تتم تسميتنا وقبل أن يفتخر والدونا بحضورنا للدنيا، حتى قبل أن يكتشفوا نوع جنسنا أصلا، فهل من المهم هو آخر الشيء أم أوله، أصل الشيء أم وصفه.

ما أريد قوله أكثر إن أرواحنا هي الأهم، هي الجوهر الذي علينا أن نسأل أنفسنا لماذا تحركت بها أجسادنا، هل تعاملنا اليومي مع من حولنا يشير إلا أن لدينا روحا جل ما فيها مشاعر وأحاسيس، روحا تنبض بالحياة لمن حولنا، هل نعامل من حولنا على أنه روح، أم أنه فقط جسدا ننشغل بظاهره ونغتر به، وما جلبناه لذلك الجسد من ملذات الحياة حتى أصبحت تلك الروح المحشورة داخل الجسد لا تعرف إلا بـ«أنا مين؟ وابن مين؟» مع أنه مش مهم أنا مين، (المهم أنا ليه).