حسنا فعلت الأمم المتحدة عندما أقرت ولأول مرة 18 يونيو «اليوم العالمي لمكافحة خطاب الكراهية»، وتهدف فعاليات هذا العام لتعزيز الحوار بين الأديان والثقافات والتسامح في مواجهة خطاب الكراهية. وإذا أردنا معرفة هوية الكراهية، فيمكننا وصف مكونات أسرتها فهي شقيقة التمييز والتطرف والإرهاب، وتنتمي لعائلة العنصرية كونها تحتضن كل أفراد هذه الأسرة اللعينة، وتعد المعول الرئيس الذي يدمر المجتمعات، وينسف استقرارها.

بإمكان القارئ فتح محرك البحث «قوقل» ويكتب «كراهية» سيجد سيلا من الألفاظ المرادفة من قبيل «التطرف» و«العنصرية» و«الطائفية» و«الإرهاب».

العنصرية موجودة في كل مكان بالعالم، عنصرية اللون ستجد الهتافات البذيئة، قرأت في «تويتر» تغريدات تفوح منها رائحة الكراهية بشكل مقزز عن أحد المؤتمرات الإفريقية مثل: «دعوهم يزورون حديقة الحيوان»، أو: «بدلا من البوفيهات أطعموهم الموز»، أو «لماذا نقيم مؤتمرا للقادمين من الغابات...»!

وتستمر التعليقات العنصرية، لماذا؟

لأننا ـ ببساطةـ عنصريون ضد الملونين، كما نحن عنصريون وكارهون للأجناس الأخرى، واللغات الأخرى، والفئات والمذاهب والأديان الأخرى، لا غرابة في ذلك، الغرابة أن من يمارسون هذه العنصرية، محسوبون على الوسط الإعلامي والثقافي، ويحملون لواء الدفاع عن المساواة والحقوق الإنسانية!

تجد البعض من أنصاف المثقفين يعد الأفارقة في الخليج ليسوا بأكثر من مجرد عبيد مجرمين مشعوذين سحرة!

قائمة الكراهية تزيد ولا تقف أبدا فها هي التعابير الرخيصة تجدها في وصف أبناء المواطنات مثل «اللي موعاجبه يذلف ديرته» أو «ذبحونا الأجانب ناهبين حقنا».

ثم كراهية أخرى لا تختلف عما سبقها وهي أخطر كونها مبطنة، تصدر ممن يطرحون أنفسهم مثقفين وطنيين عقلاء يحرصون على أمن وسلامة الوطن، لكنهم لا يستطيعون إشهار طائفيتهم وعنصريتهم، لأن ذلك يضر بسمعتهم كون العنصرية ممقوتة عالميا.

هنا أدعوك عزيزي القارئ لعنصرية أخرى بنكهة «المانجو».. يمكنك أن تدخل إلى «يوتيوب»، واكتب مثلا «زراعة المانجو في الهند» ستشاهده، ثم اقرأ التعليقات، لن تتعدى العبارات التالية: «لعنة الله على الرافضة»، ويرد عليه واحد «أمك لا أبو أبوك»....

ثم يرد آخر، «سندمركم ونسحلكم يا نواصب»... ويرد آخر، «بل أنتم الأذلاء العملاء ووو...»، ثم تنتقل الكراهيات إلى برشلوني يكره مدريدي، وهذا هلالي يكره النصر ويصفه بالزعيق، وذاك نصراوي يكره الهلال ويصفه بالطواقي، وبقدرة قادر تنتقل الكراهيات إلى النساء فتلك المبرقعة تكره المنتقبة، والمنتقبة تكره المحجبة، والمحجبة تكره المتبرجة، ويستمر توزيع الكراهيات المتبادلة في التعليقات، مع أن الموضوع الأصلي في النهاية «مانجو» في الهند «! ولنا في الهند مثال حزين، وهي من الدول الشرقية الأكثر تنوعا في الأعراق والطوائف والأديان، إلا أن ورم الكراهية اخترقها، وآخرها كان قبل أيام وهو مقترح منع تجنيس المسلمين بالجنسية الهندية.

أخيرا.. من الأهمية بمكان التفاعل السنوي مع اليوم العالمي لمكافحة الكراهية وذلك بسرعة إقرار قانون دولي يكافح الكراهية، وأهمية إنشاء مجالس وطنية خاصة تعمل على مكافحة كل مظاهر التمييز العنصري على أساس العرق واللون والنسب والدين والأصل.