تحت الضغط، أجد نفسي مدفوعاً كي أكتب موقفي من قصة عضو الهيئة مع فتاة المناكير. كنت أفضل الصمت لموقف مبدئي: لأنني لست على قناعة تامة أن تتحول دقيقتان من الحوار، أياً كانت أطرافه، إلى قصة اجتماعية أو جدال واسع بين أطراف الرأي العام. أنا مؤمن تماماً، وبعد المشاهدة، أنه لا قصة في القصة، وكل الفارق الذي أحدثه المشهد أنه كان – مصوراً – ولهذا كانت – الصورة – هي القصة لا القصة. وبكل صراحة فأنا أتساءل عن (ثقل) المجتمع، فأي خفة هي تلك التي تحدثت عنها إحصائيات تشير إلى تناقلها عبر الوسائط الإلكترونية لما يقرب من مليون – إرسال – حتى اللحظة؟ لماذا يتحول نقاش عابر، وقل – ساخناً – بين موظف وامرأة إلى – هاش تاق – "يسمر" عليه شعب مواقع التواصل الاجتماعي لليلتين؟ إنها إشارات إلى قمة – الفراغ – الفكري والخواء الثقافي. ولدينا من قضايا المرأة والهيئة والماء والامتحانات والصرف الصحي حتى، ما ستبدو فيه مثل هذه المقاطع الجوالية التافهة مجرد مضيعة للوقت.

مع هذا سأقول موقفي على طريقة (وما أنا إلا من غزية...). أولاً، وبكل صدق وصراحة: سأحاول تربية بناتي على الجرأة المحمودة والثقة بالنفس، ولكنني سأتوارى خجلاً إن انتهت تربيتي لهن إلى هذا الصوت المرتفع في سوق عام وإلى الجرأة المتهورة على نقاش تتجاوز فيه الألفاظ حدودها الفيزيائية في نغمة الصوت. ومن كان بينكم يظن أنها على كامل الحق فليتخيل ابنته أو أخته أو حتى والدته بهذه – المكاتفة – في الحديث في مكان عام. قبل أن نلوم الطرف المقابل، هذبوا مسالك وسلوك نسائكم في الزينة وفي الحديث في الأماكن العمومية. ومع هذا فأنا لم أكن في مكانها كي أستطيع تقييم ردة الفعل. ما لمسته من الصورة الحدث أن رجل الهيئة كان رابط الجأش، وإن كان له من خطأ فإنه هو الإصرار على الاعتقاد أنه يستطيع أن يوقف كل ما رآه متجاوزاً عن الحد. هذه مسؤولية الآباء والبيوت، وهذا ما لم يفطن له جل أعضاء الهيئة الموقرة. الزمن، شئنا أم أبينا، هو من أوصلنا إلى الجرأة حتى على تصوير المواقف بالكاميرا في مجتمع يهتز لأطرف صورة. ومن المؤكد أن الفتاة انطلقت في حوارها من صورة نمطية وذهنية مسبقة عن رجال الهيئة. ربما كانت ضحية الخوف تحت إرهاصات الأدبيات الهائلة تجاه الهيئة. خافت أن تكون ضحية بلا ذنب. هي مخطئة في هذا التصور ولكن من هو الذي أوقعها في هذا الفخ؟ إنهما الطرفان: طوفان الأدبيات وممارسات القلة من أعضاء الهيئة.