تستند مهارات القرن الحادي والعشرين إلى تحويل استراتيجيات التدريس والمنهج، لإعداد طلاب/ات يستطيعون تحقيق متطلبات العالم المتطور في جميع متغيراته وتحولاته المتسارعة، والتي تفرض عليهم أن يشاركوا العالم في مختلف مجالات التواصل الثقافي وتمكنهم من التفاعل الاجتماعي والثقافي مع الحضارات المتعددة، وبما يتطلب أن يكون لديهم مستوى متمكن من التفكير الناقد لما يتلقونه من معارف، وقدرة على استخدام التكنولوجيا بأدواتها وتوظيفها لخدمة أهدافهم العملية التي يسعون إلى تحقيقها.

لتنمية التعليم وتطويره بما يناسب القرن الحادي والعشرين، فإن التعليم يحتاج إلى هيكلة شاملة تهدف إلى دمج المعرفة المطلوبة بالمناهج والمقررات وطرق التدريس، لتمكين التلاميذ من إتقان المهارات المستهدفة، مثل التعلم التشاركي وحل المشكلات الحياتية الحقيقية، ومواجهة التحديات التي تعترض الدافعية للتعلم، والتعلم بروح الفريق، وذلك في إطار من الممكنات والبيئة والوسائل التي تتيح بناء مهارات التفكير الناقد وتخلق القدرة على الإبداع والابتكار في تحليل المعرفة وربطها وتركيبها في حل المشكلات.

هناك ثلاثة تصنيفات أساسية لمهارات القرن الحادي والعشرين، وهي:

1- مهارات التعلم أو ما يعرف بالمهارات العقلية.

2- مهارات القراءة والكتابة.

3- المهارات الحياتية.

لكل من هذه التصنيفات، مهارات تابعة ترتبط بكل منها، بما يسهم في بناء هيكل متكامل من المهارات المطلوبة في بيئة التعلم الحديثة، فكل فئة من الفئات المذكورة تتعلق بجزء محدد لمنهج الخبرة الرقمي، إذ إن تحسين (أولاً) «مهارات التعلم» وتطويرها بالمنهج الحضاري والعلمي المستهدف، يكون في تمكين التلاميذ من إتقان أربع مهارات تابعة وهي:

- التفكير الناقد والقدرة على حل المشكلات.

- الإبداع، ويكون بتعليم التلاميذ كيفية توليد أفكار جديدة غير مألوفة.

- الاتصال والتواصل، وخلاله يتم تعليم التلاميذ كيفية التحدث مع الآخرين والإصغاء لهم.

- التشارك، وبممارسته في عملية التعليم، يتعلم التلاميذ كيفية العمل مع الآخرين.

ثانيًا: «مهارات القراء والكتابة» ويطلق عليها المهارات الفنية أو الرقمية، ويتعلق كل منها بعنصر مختلف في الإدراك الرقمي، ومن أشكال هذه المهارات:

- الإلمام بالمعلومات، ويتضمن ذلك «فهم المحتوى» بما يشتمل عليه من حقائق وأشكال وإحصاءات وبيانات.

- المعرفة الإعلامية، ويُعنى بها التمكين من فهم المعلومات التي تُنشر عبر وسائل الإعلام.

- المعرفة التكنولوجية، وهي تُعنى بتعليم التلاميذ الآليات التي يتضمنها عصر المعلومات، كأجهزة الحاسوب والهاتف المتنقل بما يتضمناه من قدرة تساعد التلاميذ على عمل برامج والتمكن من التفاعل، لأن العالم يحتاج لأفراد أكثر فهمًا وإدراكًا للمفاهيم المتعلقة بالتكنولوجيا وأدواتها واستخداماتها.

ثالثًا: «المهارات الحياتية»: وتتضمن هذه الفئة من المهارات مجموعة من المهارات المطلوبة في التفاعل الاجتماعي، مثل:

- المرونة، ويرتبط بناء هذه المهارة بتمكين التلاميذ بأن يكونوا متميزين بالمرونة والقدرة على التكيف والانفتاح العقلي، وقوة الإرادة في مواجهة المخاطر، ويستطيعون التكيف مع الأدوار والمسؤوليات، ويتمكنون من العمل في حالات الغموض وتغير الأولويات.

- القيادة، يكون بتحفيز فرق العمل لتحقيق هدف ما، فالتلاميذ كقادة مسؤولين عن تقديم الفائدة للآخرين بمحادثاتهم وعرض وتشجيع المهارات الثقافية المختلفة لإلهام الآخرين وتوجيههم نحو العدالة والتسامح والقبول بالثقافات المختلفة.

- المبادرة، وتكون من خلال البدء بالمشاريع والاستراتيجيات والخطط التي يطرحها الفرد، وبتلك المهارة يتميز التلاميذ بالسعي إلى التعلم مدى الحياة وبالدافعية لوضع أهدافهم الخاصة، ويتابعون تقدمهم فيها، ويسعون إلى تحسين قدراتهم.

- الإنتاجية، وتعنى بالمحافظة على الكفاءة في زمن اللهو والانشغال، فالتلاميذ كمتعلمين منتجين مسؤولين عن محاسبة أنفسهم وتحمل المسؤولية حول تعلمهم، ويسعون لإنتاج أعمال على مستوى عالٍ من الجودة، ويستغلون أوقاتهم بفاعلية.

- المهارات الاجتماعية، تهتم بالعمل مع الآخرين من أجل تحقيق فوائد متبادلة، والقدرة على فهم الثقافات وتقبل وجهات النظر المتباينة، والعمل بشكل منتج وملائم مع الآخرين، باستخدام عنصر الاختلاف لبناء أفكار مبدعة وجودة عالية.

هذه المهارات تكمل بعضها البعض من أجل تهيئة التلاميذ للمستقبل وللحياة ولسوق العمل، بما يسهم في إشباع حاجاتهم وتحقيق ذواتهم، فهي خليط من مهارات المعرفة والتفكير والتجديد والإبداع والمعلومات والاتصال والتكنولوجيا مع اكتساب خبرة حياتية في سياق المنهج، تسليح التلاميذ بإمكانية التفكير الناقد وحل المشكلات والمعرفة بالمهارات الحياتية، ستساعد التلاميذ في شق طريق حياتهم بنجاح من خلال تحسين المخرجات والتمكين من التفاعل مع متطلبات القرن الحادي والعشرين.

اكتساب المهارات وإتقانها، يضيف قيمة لحياة الفرد بينما نقصها يكون سببًا للشعور بالإحباط وعدم القدرة على التكيف والتفاعل مع هذا العالم التنافسي في معرفته وقدراته ومهاراته المطلوبة، لأن المعرفة وحدها لا تضمن المهارة، وإنما المعرفة المتداخلة مع الممارسة المستمرة والتطبيق والتدريب، تضمن الحصول على المهارة التي تكون نتيجة للبناء الاجتماعي الهادف، فالطلاب عندما يتلقون المعرفة لا يكتسبون المهارة إلا عند ممارسة المعرفة بالتجربة والتطبيق في حياتهم اليومية.

بناء المهارات وتمكين التلاميذ منها يحتاج بدوره إلى معلمين مؤهلين بمهارات القرن الحادي والعشرين وقادرين على تزويد تلامذتهم بها، ومتمكنين من ممارسة طرق تدريس تستهدف بناء تلك المهارات عند تلاميذهم وتدفعهم إلى الإبداع والابتكار وتمكنهم من التفكير والتحليل والربط وحل المشكلات الحياتية، وذلك يتطلب التركيز على تأهيل المعلمين وتوسيع دورهم ومسؤولياتهم بما يخدم الجودة الشاملة في التعليم ويُسهم في تحسين المخرجات التعليمية بمستوياتها كافة.