ما أريد قوله إن العلم الحديث أثبت هذه النظرية فعليا، وقبل العلم الحديث كان سيدنا محمد- صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم- لا يعاقب من دخل الإسلام على ما فعله قبل الإسلام، بل إن بعضا من الصحابة قد كان في جيش المشركين قبل أيام، محاربا للإسلام، وبمجرد نطقه الشهادة تمت معاملته وكأنه ولد مسلما، بل ومع الوقت أصبح صحابيا، فهل هذا ما نتعامل به مع بعضنا البعض.
حينما نعامل شخصا على ما اقترفه ولو من وقت قريب، فهل تبادر إلى أذهاننا أنه لم يعد الشخص نفسه بيولوجيا، هل حينما تمر بنا أزمات نلوم فيها أنفسنا ونرهقها بكثرة اللوم حتى أننا نتوقف عن المضي قدما، فهل تبادر إلى أذهاننا أن أجسادنا قد تغيرت؟ فكيف لا تتغير معها حياتنا ونستمر في التفاؤل والعطاء.
البشر في أغلب الأحوال يتذكرون السلبيات أكثر من الإيجابيات، ولكن هل فكرنا أن كل شيء قابل للتغيير، هل من الممكن أن نسامِح ونسامَح لأجل السبب ذاته، فإن بدأنا مع ما حولنا من مشاكل وآلام بهذه العقلية، فهل من المتوقع أن حياتنا ستكون أجمل أم أسوأ؟ حينما تنشب بيننا وبين الآخر مشكلة كان مقدورا على حلها فورا، ولكننا تركناها كجرح نازف يكبر يوما بعد يوم، حتى أقنعنا تفكيرنا أنه لا يمكن الرجوع لعلاقتنا السابقة بذلك الشخص، فهل من الممكن أن يكون هذا حلا مبسطا للأمر، وهل من الممكن أن نتجاهل أمثالنا التي لقنتنا إياها مسلسلاتنا مثل «أبو طبيع ما يجوز عن طبعه»؟ وهل من الممكن أنه وقبل أن نتعامل مع شخص ما سبق وكونا عنه صورة نمطية سلبية، أن نقول لأنفسنا: إذا كان «أنا لم أعد أنا» فمن الطبيعي أنك «أنت لم تعد أنت».