الحديث عن المرأة حكاية شرحها يطول، البرامج والمقالات والتشريعات وغيرها مما يلامس احتياجاتها لتساهم في تفعيل دورها المهم في المجتمع، لن ينتهي.

مكانة المرأة منذ بدايات التاريخ كانت محل جدل، فهناك مجتمعات أعزتها وأجلّتها ومنحتها ما تستحق من تقدير، وهناك من عاملها عكس ذلك، لنظرة دونية لا تستطيع تجاوز الزاوية الضيقة التي تراها منها.

عند العرب قديما وقبل الإسلام، هناك من جعل منها سيدة قوم ذات استقلالية مادية ومعنوية، ومنهم من رآها عارا يجب وأده حيا قبل أن يكبر!

ثم جاء الإسلام العظيم، لينتصر للمرأة ويمنحها حقوقها كاملة ويكرمها، وخير مثال على ذلك خديجة -رضي الله عنها- قبل الإسلام وبعده كنموذج للمرأة العزيزة المستقلة بتجارتها ومالها، وأروع مثال لمكانة المرأة بعد الإسلام وثقة رسولنا الكريم بها أسماء بنت أبي بكر (ذات النطاقين)، حيث كانت من دون الرجال هي من أؤتمنت على سر الغار أثناء هجرة الرسول الكريم وأبي بكر الصديق، أما عائشة -رضي الله عنها- فكان لها دور كبير في الحياة الاجتماعية والسياسية آنذاك.

في التاريخ السعودي، المرأة كانت لها مكانة عظيمة جدا في المجتمع وعند القيادة، فالملك عبد العزيز كان يفتخر بأنه أخو نورة، التي كان لها أثر كبير في الوقوف معه ودعمه في مشوار توحيده للمملكة، هي وغيرها من نساء حفرن أسماءهن على صخور التاريخ السعودي الراسخ، كان لهن أدوار بارزة في الأحداث السياسية والاجتماعية على صفحات التاريخ السعودي.

مشكلة المرأة بتهميش دورها في المجتمع السعودي بدأت مع ظهور الصحوة، فعادت بها إلى جاهلية النظرة التاريخية القاصرة التي كبلتها بالأصفاد الاجتماعية خوفا على المجتمع من الفساد بسببها! ونتيجة ذلك همش دورها، ومن باب سد الذرائع بات هناك لبس في معرفة الفرق بين حكم الشرع والعادة الاجتماعية في كثير من أمور المرأة المتعلقة بمشاركتها في الحياة الاجتماعية والعملية، ولأنه لا يصح إلا الصحيح، ولأن المرأة بدورها في التنمية الوطنية سياسيا واقتصاديا واجتماعيا كانت محل اهتمام القيادة منذ أن قامت المملكة العربية السعودية إلى يومنا هذا في عهد سلمان العزم والحزم، دور تعزز منذ أن كانت رؤية 2030 المباركة فكرة في عقل سمو ولي العهد محمد بن سلمان، حفظه الله.. وإلى أن بدأت تلك الأفكار تدخل حيز التنفيذ على أرض الواقع، وستستمر بإذن الله. شاهد العالم كله كيف ازدهر حال المرأة السعودية وزاد عزها بفضل الله ثم بمباركة قيادتها الرشيدة ودعمها دعما غير مسبوق، وذلك من خلال الحزم والعزم في تفعيل نصف المجتمع الذي تعطل بسبب مخاوف الصحوة غير المبررة.. من خلال التمكين في كل المجالات مع حماية قوية يكفلها لها القانون والتشريعات التي تقف بوجه كل من يحاول أن يقف في وجه حق أعطاه لها الله، وسلب منها بحكم العرف أو الفكر البشري.

كل هذا أحدث نقلة ملحوظة عالميا ومحليا وأثرا فعالا نتيجة التفاعل الإيجابي الذي أبدته المرأة السعودية، والتي أثبتت من خلاله جدارتها وأنها محل الثقة وتستحق التمكين.

ولكن المؤسف حقا ما بدأ يظهر مؤخرا عبر منصات التواصل الاجتماعي من البعض وللأسف، هذا البعض يتضمن نساء إلى جانب الرجال ممن ينتقص من المرأة العاملة وحماسها للعمل، وتأثير ذلك في بيتها وأولادها، أو من خلال انتقاد طريقة لبس المرأة وزينتها بطريقة لا تليق، وغير ذلك كثير من مقاطع تحمل لب فكر ما زال عالقا بأذهان البعض لا بقاياه.. فكر ضيّق علينا حياة خلقها الله باتساع.. فكر نحاول أن نزيل آثاره السلبية بقوة، لكن تأتي مواقع التواصل لتكشف لنا ما وراء الأقنعة، سكتت خوفا من القانون ولكنها ما زالت تدس الفكر المتشدد بعسل برامج ومنصات التواصل.

لا مشكلة إن كانت تلك أفكارا لا تتجاوز محيط تفكير فرد، ولكنها مصيبة إن كان فكرا يحاول أن يفرض نفسه على نطاق واسع، يعيدنا لما نحاول أن نتجاوزه بالوسطية واحترام المرأة.

لهؤلاء.. شرعا.. لنا في أمهات المؤمنين أسوة حسنة اقتصاديا وسياسيا، أثر تمكين المرأة انعكس بشكل إيجابي علينا كوطن ومجتمع، فليتنا نفرح بدل أن نحاول أن ننتقص ونخوِّف من دور المرأة وتمكينها.

اجتماعيا.. لا تخافوا من المرأة العاملة أو المثقفة أو المستقلة أو التي تسعى لطلب علم، فهي لن تختلف عن أمهات الماضي اللاتي نجحن في تربية رجال ونساء هم عماد هذا الوطن، المختلف فقط هو حجم الوعي الذي اتسع بمتغيرات الوقت، والذي اكتسبنه من سعيهن للعلم والعمل والبقاء قيد المعرفة بتحديثات العصر التي حتما ستجعلهن ناجحات كأمهات، قادرات على التربية بكفاءة يردفها التمكين والعمل.

شرع الله لا نقاش فيه، ولكن تباين الثقافات ما بين المقبول والمنبوذ بما يتعلق بخروج المرأة للعمل واختيارها لتخصصها أو المجال الذي تعمل به، وبمظهر المرأة وطريقة لبسها، فهنا ليتنا نتقبل الكل ونحترم الاختلافات من غير تشكيك مرفوض شرعا وقانونا.