يذهب نحو السراب من يحلم بالغنى بدون أن يدخر أو يقترض ليستثمر (بخلاف الوارث أو من تأتيه الثروة من قريبه المتوفي في أدغال البرازيل كما في بعض الأفلام).

إن ثقافة الإدخار هي جزء من الوعي المالي، وسبب للأمان المستقبلي، طبعًا مع توفيق الله -عز وجل، ولا أريد أن أكون متشائمًا وأقول إن ثقافة الادخار ثقافة غائبة تمامًا، وإن كانت على التحقيق في وضع شبه غياب لأسباب منها نمط الحياة، والعادات الاجتماعية، والمقارنات والتقليد، وعدم حساب المصاريف، وغيرها من العوامل، فنسبة الادخار لدينا لا تتجاوز 1.6 %، وهو رقم يقل كثيرًا عن المتوسط العالمي الذي يتجاوز 9 %، بينما في المانيا تبلغ النسبة 11 %، وفي الصين 36 %، أما في العالم العربي فهي 5 %.

لأجل هذا تهدف رؤية المملكة 2030 إلى رفع نسبة الادخار لدى الأسر السعودية إلى 4 أضعاف ما هي عليه الآن، ومن الموافقات أن أزمة كورونا زادت من نسبة الادخار وأيقظت الناس عالميًا على حقائق تخص الدخل والادخار بعد حدوث عدد من الإغلاقات وتعطل الأعمال وارتفاع معدلات البطالة والتسريح، ولذلك زادت عالميًا نسبة الادخار لدى الأفراد والأسر على مستوى العالم، خصوصًا في أمريكا وأوروبا التي زادت النسبة فيها بأكثر من 33 % مما كانت عليه قبل أزمة كورونا.


وقد يقول قائل كيف لي أن أدخر، وهو سؤال واقعي ومشروع، وعليه نقول لابد أولاً أن تكون صادقًا في رغبتك بالادخار، وتقوم ثانيًا بعمل جدول شهري للشهر القادم، وما بعده تدون فيه بصدق وشفافية وواقعية المصاريف الثابتة: (إيجار، قروض، فواتير، وقود، كهرباء، ماء،...) والمصاريف المتغيرة: (مناسبات، ترفيه، سفر،...) وتضع نسبة للمصاريف الطارئة.

ثم تحدد ثالثًا نسبة الوفرة الممكنة (مثلاً 5 – 10 %) من دخلك الشهري، وتطبقها لمدة سنة ولنسمها مثلاً تحدي 52 أسبوعًا (تعادل سنة كامله)، ثم تزيد النسبة وهكذا، فإن وجدت صعوبة في تطبيق هذه السياسة فالحل الآخر هو أن تتجه للبنك وتأخذ قرضًا استثماريًا (عقاري أو شخصي) لشراء أرض أو أسهم، أو أن تبدأ في مشروع صغير مع شركاء موثوقين ذوي تجربة سابقه حتى تكون مجبرًا على اقتطاع جزء من دخلك شهريًا وهو أمر ستعتاد عليه، وتذكر أنك كلما كبرت زادت مصاريفك (أطفال، مدارس، سيارات، طلبات، كماليات، علاج، زواج وهكذا).