كل ما تحمله الآن من أفكار؛ تم تلقينه لك بأي شكل كان، مباشر أو غير مباشر، كما قال إبراهيم البليهي: «العقل يحتله الأسبق إليه»، لاحظ أنك تتأثر بما يصلك من أفكار، إما بالرفض أو القبول، وهنا يحدث العراك الفكري. فأنت ستقبل كل فكرة تتماهى مع منظومة أفكارك الحالية، وسترفض وتسيئ لكل فكرة جديدة، مختلفة تمامًا عما سبق لك معرفته، ولكن مع تكرار هذه الفكرة الجديدة، أو فرضها بالقوة لمدة معينة، ستصبح مقبولة لديك، بل قد يصل الأمر بك إلى الإيمان بها، لأنها موجودة أمامك، يؤمن بها آخرون، وهنا المعضلة، أنت نتاج ما نشأت عليه وما هو حولك، والجميع يعتقد أنه نشأ على الحق، إذا أين الباطل؟

الإنسان رهين ما يألف، وحليف ما يعرفه، بمعنى، نحن نتاج بيئاتنا، فما ربيت عليه هو ما تراه منطقيًا، وكل من يخالفك -من بيئة مختلفة- يثير داخلك العجب، كيف ينتهجون هذه الطريقة، أو يعتنقون هذا الاعتقاد!، هل تساءلت -على الأقل- لماذا هم مؤمنون بما تراه أنت تخلفا، أو من شدة غرابته يثير الشك بفاعلية؟، بالضبط هو ما يشعر به هذا الشخص اتجاهك. هذا كله لا يهم، المهم هو ملاحظتك وتحليلك لما أنت عليه، هل جربت التشكيك في أفكارك ومعتقداتك الاجتماعية والثقافية؟

التشكيك أساس الوعي، والتطور هو نتيجة للتقدم في العلم القائم على الدراسات، والتي بدأت في المقام الأول بفرضيات غير مؤكدة، وحتى يتم التأكد منها يجب اختبارها، بمواجهتها مع ما يخالفها، والذي يصح منطقه أكثر، هو ما يكون أقرب للصحة. لذا منهج التشكيك من أفضل المناهج التي قد تتخذها في حياتك لتقييم أفكارك وتقييم ميزانك للخير والشر.

أخيرا.. التقديس هو أغلالك الفكرية.. والتشكيك هو القادر على كسر هذه الأغلال.