بعد انطلاق مشروع تمكين المرأة السعودية الذي يعتبر أحد ركائز رؤية 2030 والقائم على مساواة المرأة مع الرجل تكامليًا وبشكلٍ مطلق في العمل والتعليم والصحة والاقتصاد والعديد من المجالات المتنوعة كحق إنساني، تلاه عدد من الأنظمة التي أتت لتذليل الكثير من المصاعب التي تشكل عائقا أمام تحقيق هذا التمكين.

هذه الأنظمة الجديدة جعلت المرأة السعودية حاليا تعيش في مرحلة حساسة مليئة بالتغيرات السريعة، ما شكل ردة فعل لدى الجانب الآخر من المجتمع بالرفض وعدم التقبل لكثير من هذه القرارات.

بالطبع لا ينحصر هذا الجانب الرافض للتغيير بجنس محدد، إلا أن الإطار العام لهذا الخلاف أتخذ شكل (النزعة الذكورية الصرفة) التي ترى في هذا التمكين تهديدا وخطرا لكيان وشخص وسيادة الرجل.

ومن هنا بدأت المشكلة التي نتج عنها جيش هجومي من مستشاري وأخصائيي ومرشدي الأسرة، وآخرون من رواد برامج التواصل الاجتماعي لدعم وتغذية التفكير الذكوري الرافض لهذا التمكين الإنساني في أصله، فلم يتعاطوا بدورهم كأخصائيين مع هذه الفئة (الرافضة للتغيير ) كما يحدث في دول العالم المتقدم من منهجية علمية في علاج الظواهر والمشكلات الاجتماعية، ولم ينشط حراك ثقافي بالتوعية والاحتواء والبحث عن أسباب نشأة (العقل الذكوري المتطرف)، فلا هم طبقوا منهجية علمية في العلاج ولاهم لزموا الحياد، بل تحولوا لوقود تشعل نيران الاختلاف، من خلال حشد فيديوهات ورسائل متنوعة ومساحات حوارية شديدة التطرف لتعميق هذا الخلاف، والاستفاده منه بما لا يخدم الهدف العام لهذا التمكين، وبشكل يسمح لفئة كبيرة منهم اتخاذ دور النصح والوصاية وتمرير رسائل التأليب على الوطن ورموزه، والتغرير بالمنساقين عاطفيا أو تجاريًا خلف حملاتهم التحريضية، والأسوأ من ذلك هو التحريض المباشر على المرأة العاملة وعلى أفراد أسرتها.

نحن أمام قنبلة موقوتة تهدد المجتمع بفكر شديد التطرف، يتحرك حسب نزعة ذكورية مقيتة، تخشى وتهاب كلمة مساواة بالمرأة، ما ينذر باحتمال حدوث انتهاكات وتجاوزات إنسانية وقانونية تهدد أمن واستقرار المجتمع، لذلك أجد أن المناهج التعليمية لها دور كبير في ترميم وإصلاح هذه النظرة المنزوعة الإنسانية تجاه المرأة، إضافةً إلى دور الإعلام في صياغة أهداف جديدة لبرامج تتعامل مع تمكين المرأة بشكل أعمق من التنظير والتلقين الحالي.