لا يستطيع أحد الجزم ما إن كانت عملية النقل المحتملة للطائرات دون طيار التي تجري من إيران إلى موسكو حلًا مؤقتًا إلى أن تصبح الطائرات الروسية المسيّرة المتطورة جاهزة، أي أنها مجرد إعارة، أم أنها تأتي في إطار عملية بيع، أو سداد جزء من الدين النووي الكبير على إيران لصالح روسيا.

وفي يوليو الماضي، كشف مستشار البيت الأبيض للأمن القومي جيك سوليفان عن معلومات استخباراتية حول خطط إيرانية لنقل مئات الطائرات القتالية دون طيار وغيرها من المركبات الجوية غير المأهولة إلى روسيا، وتدريب المشغلين الروس في إيران عليها.

غموض

يؤكد فرزين نديمي المتخصص في الشؤون الأمنية والدفاعية المتعلقة بإيران ومنطقة الخليج، أنه لم يتمّ الكشف بعد عن شروط الاتفاق بين طهران وموسكو على نقل تلك الطائرات، ولم يعرف ما إن كانت من قبيل البيع أو الإعارة أو كمدفوعات جزئية لديون طهران النووية الكبيرة لموسكو.

لكنه يجزم أن العملية تشير إلى أن مشاكل سلسلة الإمداد الناتجة عن العقوبات وغيرها من القضايا تعيق الإنتاج المحلي للطائرات دون طيار في روسيا، وتظهر استعداد طهران لتقديم دعم عسكري كبير لروسيا ينعش ويدعم الصناعات العسكرية الإيرانية.

حاجة موسكو

يشير نديمي إلى أنه على مدى العقد الماضي عملت روسيا وإيران على توسيع قدراتهما في مجال الطائرات دون طيار (الدرونز).

وأنتجت صناعة الطائرات دون طيار في إيران مجموعة كبيرة من النماذج الاستطلاعية والهجومية والانتحارية، والتي تمّ تصدير بعضها إلى دول أخرى (على سبيل المثال، إثيوبيا وطاجيكستان وفنزويلا).

طلبية حالية

تشمل طلبية روسيا الحالية طائرات «أبابيل-3» دون طيار ذات المدى المتوسط بين 50 و100 كلم.

ونشرت طهران كثيرًا من هذه الطائرات المسيّرة، والنسخة المحدثة قليلًا منها «A3N»، ونموذج «أبابيل-4»، واستخدمتها لتنفيذ هجمات ولأغراض المراقبة/رصد المدفعية. وبالنسبة للهجمات المفاجئة، يمكن لطائرة «أبابيل-3» حمل قنبلتين موجهتين صغيرتي القطر من نوع «قائم» تتمتعان برأس حربي وزنه 1.7 كلجم وبمدى 6 كلم، أو صواريخ «ألماس» الموجهة المضادة للدروع بمدى 8 كلم. ويصل المدى الأقصى للطائرة دون طيار إلى 250 كلم، ويمكن أن تحلق لفترة 8 ساعات وعلى ارتفاع 5 كلم.

قدرات محدودة

ربما لا يمكن للمصانع الإيرانية تصنيع طائرات دون طيار جديدة بالسرعة الكافية لتلبية الطلب الروسي الملح، وقد تضطر إلى استيراد أو تصنيع كثير من الأجهزة الإلكترونية وقطع المحركات، وبالتالي، من المفترض أن تتم تلبية قسم كبير من طلبية روسيا من المخزون الحالي، وبالنظر إلى أن الاتفاق يتضمن «مئات» الطائرات المسيّرة، فسوف تستغل إيران بشكل كبير قواتها الجوية وترسل مزيجًا من أنواع مختلفة.

وسيؤدي استلام مجموعة مختلطة من الطائرات دون طيار أيضًا إلى إطالة فترة تعريف العناصر الروسية إلى الطائرات وتدريبهم عليها، كما سيعقّد عملياتها، فلكل مجموعة من طائرات «أبابيل-3» المسيّرة المكونة من 100 طائرة، يتعيّن على إيران تدريب 200 طيار واختصاصيي اتصالات، وفنيين، ومسؤولين روس عن حركة الطائرات، علمًا أن كل دورة تدريب لن تستغرق أكثر من أسبوعين على الأرجح.

وعلى إيران توفير أعداد كافية من المحطات المتنقلة للقيادة والتحكم والاتصالات، وإلا فلن تتمكن روسيا من استخدامها بكفاءة في ساحات القتال الأوكرانية واسعة الانتشار. ويمكن لكل محطة إيرانية التحكم بطائرة مسيّرة واحدة في الوقت نفسه. أما بالنسبة إلى طاقم العمل الإيراني، فسيتمّ إرسال عدد كبير نسبيًا من الفنيين والمهندسين إلى روسيا -وربما أوكرانيا- من أجل التعامل مع مشاكل توحيد استخدام المعدات والبرمجيات، وهذا قد يعرّض الإيرانيين للخطر في ظل ظروف القتال، ولا شك أن طهران ستحاول التقليل من التداعيات المحلية لأي ضحايا من خلال إخفاء الأمر. «كيان- 2» مداها 1500-2000 كم «أبابيل- 3» متوسطة المدى قوة جيوفضائية

في أكتوبر 2013، قدّمت القوة الجيوفضائية في «الحرس الثوري» الإيراني طائرة «ياسر» -وهي طائرة استطلاع صغيرة مسيّرة على طراز طائرة «سكان إيغل» الأمريكية- هدية إلى قائد «القوات الجوية الروسية» أثناء زيارته لإيران. وتعمل روسيا بدورها على أن تصبح قوة رئيسة في الطائرات دون طيار، وتعمل حاليًا لإكمال خط الإنتاج الحديث الأول في البلاد.

ولأن وتيرة تطوير موسكو لهذا القطاع كانت بطيئة، لجأت حاليًا إلى طهران لتلبية احتياجاتها العاجلة من الطائرات المسيّرة في أوكرانيا.

دور أساسي

تلعب الطائرات دون طيار دورًا أساسيًا في الحرب الروسية الأوكرانية، كما أن تسيير عدد كبير منها فوق ساحة المعركة قد يمنح روسيا دعمًا نفسيًا وتكتيكيًا تمتعت به القوات الأوكرانية عندما بدأت باستخدام الطائرات المسيّرة «بيرقدار» المستوردة من تركيا.

وتأمل موسكو في تغيير مسار الصراع بأكمله باستخدام الطائرات دون طيار على نطاق أوسع، ومع ذلك، لم يتم بعد إنتاج التصاميم الروسية الحديثة، ناهيك عن دخولها الخدمة الفعلية، بما في ذلك النماذج القتالية على غرار طائرة «أوريون-إي» و«إنوخوديتس-آر يو» (سيريوس) و«هيليوس - آر إل دي» و«غروم» و«مولنيا» والتي تتميز بأداء أفضل بكثير، وتتمتع بحمولات أكبر، وقدرات اتصال عبر الأقمار الصناعية لمدى أطول. ويتم استخدام «طائرات» الذخيرة المتسكعة «زالا/كلاشنكوف كاي يو بي» في أوكرانيا، لكن قصر مداها ورأسها الحربي الصغير يجعلانها أقل كفاءة من التصاميم الإيرانية المشابهة. باختصار، بإمكان الطائرات المسيّرة الإيرانية أن تكون حلًا مؤقتًا مثاليًا إلى أن تصبح الطائرات «الحقيقية» الروسية قابلة للاستخدام.

تعاون عسكري

تسليم شحنات الطائرات الإيرانية إلى روسيا يشكل مزيدًا من التعاون العسكري الثنائي في أوكرانيا، وربما سيؤدي في النهاية إلى قيام «فيلق القدس» التابع لـ«الحرس الثوري» بنشر قواته الوكيلة في جبهات القتال الأوكرانية، لكنه قد يفسح المجال في الوقت نفسه أمام تسليم أسلحة أكثر إثارة للجدل مثل الصواريخ الباليستية الإيرانية القصيرة المدى.

​​​​​​​