تمر في هذا الأسبوع الذكرى السنوية لعملية عسكرية مشينة: عملية 31 مايو التي قام بها جنود إسرائيليون على أسطول الحرية المتجه إلى غزة الذي كانت تقوده سفينة "مرمرة"، التي قتلت خلالها القوات الخاصة الإسرائيلية ثمانية مواطنين أتراك ومواطنا أميركيا من أصول تركية. الآن، هيأ المدعي العام التركي قرار اتهام يسعى للحكم بالسجن المؤبد على أربعة قادة عسكريين إسرائيليين سابقين لدورهم المفترض في قتل الأتراك التسعة وتعذيب آخرين على أسطول المساعدات المتجه إلى غزة، بحسب ما نشرته صحيفة "صباح" التركية. مع أن لائحة الاتهام ليست جاهزة بعد، إلا أن الخبر انتشر كالنار في الهشيم، خاصة في الصحافة الإسرائيلية، حيث يتم الدفاع ضد التهم بصوت عال وواسع.
وبحسب صحيفة "صباح"، الضباط الذين سيطالب المدعي بالحكم عليهم بالسجن المؤبد 10 مرات هم الجنرال جابي إشكنازين رئيس الأركان الإسرائيلي في الوقت الذي حصل فيه الهجوم؛ آموس يادلين، رئيس الاستخبارات العسكرية السابق؛ إليزار مارون، رئيس البحرية في ذلك الوقت؛ وأفيشاي ليفي، رئيس الاستخبارات الجوية السابق. هذه خطوة هامة نحو العدالة، حيث إن لجنتين سابقتين، واحدة إسرائيلية وأخرى تابعة للأمم المتحدة، برأتا القوات الخاصة الإسرائيلية على أساس أنهم تصرفوا "دفاعا عن النفس". قارنوا هذه النتائج مع المحاكمة المتواصلة في حادثة قتل مراهق من فلوريدا، ترايفون مارتن، وهو أميركي/أفريقي قتله عضو في منظمة رقابة من المواطنين. الغضب الشعبي – بما في ذلك تصريحات من الرئيس الأميركي نفسه - تسببت في اعتقال الرجل الذي أطلق النار على ترايفون مارتن وتقديمه للمحاكمة. أين كانت تصريحات الرئيس أوباما حول قيام القوات الخاصة الإسرائيلية بقتل المراهق المولود في أميركا فوركان دوجان؟ كان أوباما صامتا. فوركان ولد في الولايات المتحدة، وهو ابن أستاذ جامعي. والده ناشد أعضاء الكونجرس لفتح تحقيق في الهجوم الإسرائيلي على أسطول المساعدات الذي أدى إلى مقتل ابنه. وزارة الخارجية اعترفت أن الولايات المتحدة لديها القوة القانونية لفتح تحقيق في الموت العنيف لأي أميركي في أي مكان في العالم.. هناك فرق بين "قانوني" و"أخلاقي" و"مقبول".
في عام 2010، بعد الغارة على أسطول المساعدات، شاركت في مراجعة دقيقة لتغطية الإعلام الإسرائيلي والعالمي قبل الهجوم فجر 31 مايو على "أسطول الحرية". هناك أدلة دامغة على أن العملية لم تكن خطأ غير مقصود، لكنها كانت عملية عسكرية جرى التخطيط لها بعناية، قامت بها إحدى وحدات النخبة الإسرائيلية.
في 28 مايو، قبل أيام من الهجوم على أسطول الحرية، كتبت صحيفة (معاريف): "المواجهة البحرية التي ستحدث في نهاية الأسبوع مخطط لها بالفعل بكل تفاصيلها. من اللحظة التي ستعبر فيها السفن (الخط الأحمر) في طريقها إلى غزة، سيسيطر مقاتلو الوحدة 13 عليها ويحولوا 800 راكب من قواربهم إلى حيث أتوا. وتم تشكيل وحدة اعتقال خاصة".
ويضيف تقرير الصحيفة: "العملية وافق عليها رئيس الوزراء نتنياهو ووزير الدفاع باراك وسيقودها قائد البحرية.. إذا لم يوافق ركاب القوارب على العودة من حيث أتوا، العملية ستنتقل إلى مرحلة القوة". قال ضابط رفيع المستوى "نخشى أن يكون هناك هجوم إرهابي عن طريق القوارب. إذا صعد الإرهابيون إلى القوارب أو إذا كانت هناك نية لاستخدام أسلحة ضد قواتنا، سنستخدم الجدية التامة والحذر".
ومع أنها كانت بعيدة، إلا أن هذه القضية قد يكون لها تأثير مباشر على انتخاب أوباما. في 22 مايو، 2012، خسر أوباما 40% من الأصوات في الانتخابات الأولية في كنتاكي وأركنساس. هاتان ولايتان جنوبيتان تعانيان من الانحسار الاقتصادي، والديمقراطيون من الطبقة الوسطى والطبقة العاملة لا يحبون أوباما، الذي وفر 27 تريليون دولار لبنوك وول ستريت خلال فترة رئاسته، لكنه لم يعط الأمل أو التغيير بالنسبة لعشرات الملايين من الأميركيين الذين هم في سن العمل الذين يعانون من البطالة منذ فترة طويلة. أكثر من 50% من الأميركيين تحت سن الـ25 سنة هم عاطلون عن العمل، والأمر أسوأ بالنسبة للأميركيين ذوي البشرة السوداء الذين أبدوا تأييدا كبيرا لأول رئيس أميركي/أفريقي في 2008.
وما هو أهم من ذلك في قضية القتل التي حدثت على أسطول الحرية المتجه إلى غزة ورفض الرئيس أوباما تحميل إسرائيل المسؤولية هو أن الرئيس فقد دعم وثقة مؤيديه من الليبراليين والتقدميين. تذكروا الأمل الكبير في العالم العربي بعد خطاب أوباما الشهير في جامعة القاهرة، وخاصة وعده الذي لم يلتزم به في أن يكون وسيطا نزيها من أجل حقوق الفلسطينيين.
الرئيس أوباما هو أكثر رئيس أميركي قدم أسلحة لإسرائيل؛ وقد أيد سياسة إسرائيل التوسعية إلى داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة في القدس وباقي أنحاء الضفة الغربية باستخدام الفيتو في مجلس الأمن الدولي وأعلن أن المستوطنات قانونية؛ نكث بوعوده بأن يغلق معتقل جوانتانامو ويسمح بمحاكمة السجناء المنسيين الذين تم اعتقالهم من ساحات القتال في أفغانستان منذ حوالي 10 سنوات؛ وقام بتحويل مصطلح حقوق الإنسان بشكل ساخر إلى سبب للحرب.
إن الناخبين الليبراليين والتقدميين الذين صوتوا لأوباما من قبل ليس لديهم مرشح آخر يصوتون له.. لذلك فإنهم سيبقون في منازلهم.