عادة ما تكون فترة المراهقة صعبة بالنسبة إلى الأهل والأبناء على حد سواء، ولكن الاختصاصيين يرون أنها فترة يمكن تخطيها دون مشكلات، بشرط معرفة الأهل الجيدة لأبعاد التغيرات التي تحدث لأبنائهم، حيث تبدو بعض السلوكيات على الأبناء وكأنها نوع من التمرد، ولكنها في الحقيقة تغيرات نفسية وعضوية طبيعية.

اختصاصي المشكلات السلوكية لدى الشباب الدكتور فيليب جاميه، يرى أن من الطبيعي في فترة المراهقة أن تختلف بعض السلوكيات، ويقول "ملامح الانتقال من مرحلة الطفولة إلى مرحلة المراهقة ليست واضحة تماما، ولكن هناك الكثير من السمات المشتركة، التي تخلق مشكلات كثيرة ما بين الآباء والأبناء، وهذه من الممكن تلافيها تماما، والمراهقة فترة الانتقال من مرحلة الطفولة إلى حياة الكبار، وهي أيضا بداية دخول الصغار مرحلة البلوغ، لذا من المهم أن نفرق بين مرحلتي المراهقة، والبلوغ".

وعن المشكلات التي تثير تساؤلات الأهل قال "الصغير الذي كان أول من يستيقظ في المنزل باتت هناك مشكلة كبيرة في أسلوب نومه واستيقاظه، فيكون راغبا في السهر، ويستيقظ مرهقا وخاملا، وكلها أشياء تؤثر على درجة تحصيله، والمراهق هنا لا يرغب في التمرد على النوم واليقظة، ولكن السبب يعود إلى هرمون يسمى "الميلاتونين"، وهو الهرمون المسؤول عن إعطاء المخ إشارات الاستيقاظ، وهذا الهرمون في سن المراهقة غالبا ما يعطي مثل هذه الإشارات بشكل متأخر على الأقل ساعتين عن الصغير أو الكبير، ففي هذه المرحلة العمرية على وجه التحديد يبدأ الدماغ في خلق اتصالات جديدة للنوم واليقظة، لذا نجد المراهق في الوقت المفترض للنوم متيقظا ونشطا، والعكس يكون خاملا في الوقت الذي يجب الاستيقاظ فيه".

وأشار الدكتور جاميه إلى أن هذه التحولات في دورة النوم هي التي تغير من إيقاع المراهق. وإذا ما عرفنا ذلك وجب على الأهل مساعدة أبنائهم من دون إثارة مشكلات معهم بسبب مواعيد النوم واليقظة، وأضاف "يجب أن يتفق الأهل مع أبنائهم على ساعات للنوم تتراوح بين 8 و9 ساعات، وأن يجري حوار هادئ ومقنع حول ذلك، ولا بد أيضا من الاتفاق حول بعض الأساسيات التي تساعد المراهق على ذلك، ومنها عدم تناول أي مشروبات تحتوي على مادة الكافيين في المساء، واستبدالها ببعض المشروبات الطبيعية مثل النعناع أو الشاي الأخضر وما شابه".

وأضاف أن "جلوس المراهق قبل موعد النوم أمام ألعاب الكمبيوتر يفقده فرصة تمييز الوقت، وينشط ذهنه، ويزيد من توتره في نفس الوقت، لذلك يفضل قبل النوم مشاهدة برامج ترفيهية أو مسابقات، أو فكاهية، أو أي برامج للتسلية. وفي الصباح يفضل تناول المشروبات الساخنة، وأن تحتوي وجبة الإفطار على أحد منتجات الألبان".

ويرى الدكتور جاميه أن من المشكلات التي تسبب الكثير من التوتر بين الأهل والمراهق هي أسلوب جلسته، فالمراهق يرغب دائما في الاسترخاء على الأرائك، ولا يجلس بشكل معتاد"، مشيرا إلى أن المراهق يكتسب طولا في هذه المرحلة على وجه التحديد بشكل غير طبيعي، حتى إن البعض منهم يكتسب ما يقرب من 25 سم في أقل من عامين، وبالتالي يكون لديه شعور دائم بالرغبة في الاسترخاء، نظرا لأن العضلات تعمل بقوة كبيرة في هذه الفترة.

وأضاف اختصاصي المشكلات السلوكية لدى الشباب أن "الشراهة التي تبدو على أبنائنا فجأة تعود إلى سرعة الحرق في الجسم في هذه الفترة أكثر من المعتاد، وعلى الأهل إدراك التغيرات الجسمانية التي تحدث لأبنائهم، ومن ثم استبدال الحلوى والشوكولاته مثلا بالفاكهة، ووضع بعض منتجات الألبان أمامهم بدلا عن العصائر المحفوظة أو زجاجات المياه الغازية، بحيث يأكلون ما يفيد، ولا يتسبب في السمنة".