الزائر لمعرض الصقور والصيد السعودي الدولي، الذي ينظمه نادي الصقور السعودي في مقره بملهم شمال مدينة الرياض، لا بد أنه لمس شغفاً بعالم الصقور في وجوه عشاق تلك الهواية من هواة ومحترفين، كبار وصغار ومن كل الأعمار.

فمن المعروف أن الصيد بالصقور من الهوايات القديمة التي ارتبط بها أهل المملكة منذ القدم، واستمر بعضهم عليها حتى وقتنا الحاضر، حيث يُقبل المواطنون على ممارستها منذ قرون بعيدة، ويعلّمونها لأولادهم جيلاً بعد جيل، باعتبارها إحدى أبرز العادات الثقافية في المملكة، ومن أهم الرموز التراثية التي يحرص الجميع على المحافظة عليها وتوارثها.

ومن المعروف أيضاً أن أهل المملكة بشكل خاص، والجزيرة العربية بشكل عام، اشتهروا منذ قديم الزمان بحبهم للصقور وتدريبها وترويضها وتوارثها عبر الأجيال، ليشكلوا كذلك في عالم الصيد بالصقور أسلوباً فريداً خاصاً بهم، ويعتبر من أفضل الطرق بين نظرائهم من أصحاب الهواية والممارسين لها في العالم، حيث تعتبر رياضة الصيد بالصقور جزءًا من التراث والهوية السعودية والعربية التي يتوارثها الأبناء عن الآباء والأجداد.

ورغم كل ما سبق من (المعروفات)، إلا أنني لم أكن أعرف أو أتوقع أن يصل الشغف على أرض الواقع إلى كل هذا العشق، بل لم أكن أتوقع أيضًا أن تهتم الأجيال الجديدة والأطفال بهذه الهواية، متخلّين عن كل أدوات العصر من ألعاب إلكترونية وواقع معزز وميتافيرس وغيرها من تقنيات العصر الحديث بالغة التطور.

فالحقيقة أن ما رأيته وسمعت عنه فاق توقعاتي، هناك أعداد كبيرة من الشباب، حريصون على التعرف على الصقور وأنواعها وأدواتها، وحريصون على تعلم أساليب الصيد بها وكيفية رعايتها، وأن أعدادًا كبيرة من هؤلاء الشباب يمارسون تلك الهواية فعليًا ويحترفونها، بل إن بين أجنحة المعرض وجدت جناحًا للمرأة في عالم الصقارة والصيد، وجناحًا مخصصًا للأطفال يحمل شعار (صقّار المستقبل)، يتعلم الأطفال خلاله كيفية الإمساك بالصقر، والتدرب على حمله بالطريقة التي توارثها الصقارون.

كل هذه الأجنحة المتنوعة والمزدحمة بالزوار؛ تؤكد أن الشغف بتلك الهواية التراثية الأصيلة قد نجح نادي الصقور السعودي في نقله عبر الأجيال، وهي المهمة الأثيرة التي حملها النادي على عاتقه منذ تأسيسه قبل خمس سنوات من الآن، والتي -رغم قصر المدة- نجح فيها بجدارة واستحقاق، والدليل على ذلك: معرض الصقور والصيد السعودي الدولي في ملهم شمال الرياض.