نأمل جميعاً أن يكون القادم أجمل من الواقع الذي نعيشه، وعندما يقع أي شخص في أخطاء تؤثر في مجريات حياته سلباً، يظل يأمل بأن القادم سيكون أفضل، وأن ما لم يتم الحصول عليه في الواقع هو من تقدير الله، وأن فوات الفرص أو عدم تحقيق المكاسب لا يدل على قلة الحظ، بل لا بد من اليقين بأن الله اختزن لنا الأفضل في القادم من الأيام.

إلا أن الاعتماد فقط على الأمل دون بذل الجهد في التخطيط ليكون القادم أجمل يوقع الإنسان في دائرة التواكل، والرسول صلى الله عليه وسلم وجَّه بأن «اعقلها وتوكل».

ولكي يكون القادم أجمل يجب أن نتأكد من أن لدينا القدرة على رسم صورة للمستقبل تصفه بشكل دقيق، وهو ما يطلق عليه المختصون «السيناريو»، وهو وصف لوضع مستقبلي مرغوب فيه مع شرح للمسار أو المسارات التي يمكن أن تؤدي إليه، ابتداءً من الوضع الراهن. ويُعتبر السيناريو من أهم إستراتيجيات الدراسات المستقبلية، ويُستخدم بكثرة في التخطيط بمختلف المنظمات، ويمكن أن يُستخدم على النطاق الفردي ليكون القادم أجمل.

وعندما نقول إن القادم أجمل فإننا نعني باللغة العملية السيناريو المتفائل الذي يعتمد أساساً على نظرة إيجابية للأحداث التي نريد حصولها في المستقبل بالاعتماد على المعطيات الحالية، ويتم تحديد الآليات والمواد والموارد اللازمة للوصول إلى ذلك الوضع المستقبلي الجميل في نهاية الفترة الزمنية المحددة.

ولا بد من الإشارة هنا إلى أن السيناريو لا يعني يالضرورة أن يكون متفائلاً دوماً، فمن الخطأ أن تشير المؤشرات إلى وقوع أزمات مستقبلية ونتوقع بشكل فردي أننا متفائلون، ونتوقع أن يكون القادم أجمل والكل يشير إلى وقوع أزمة، وهذا الوضع يدعو إلى التخطيط بأسلوب السيناريو المتشائم، وكيف يمكن أن نتعامل مع الظروف السلبية القادمة، والتهديدات وكيفية التعامل معها، واقتناص فرص جديدة في ظل أزمة قادمة، أو على الأقل الاستقرار وعدم الهبوط والانكسار.

النظرة للقادم بأنه سيكون أجمل تستلزم دراسة الواقع الذي نعيشه، وهل نحن نستخدم الموارد بشكل سليم ودون بعثرة للجهود، واستنزاف للموارد، لأن المستقبل يعتمد بشكل كبير على ما نعمله حالياً، وهل نحن نسير في الطريق الصحيح أم أننا بحاجة لتعديل المسار.

ولا بد أن نأخذ في الاعتبار العوامل المؤثرة في بناء السيناريو، وهي العوامل الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية والسياسية والتأثيرات الخارجية والاتجاهات السائدة، بالإضافة إلى الاتجاهات الجديدة، والجهات الفاعلة والأكثر تأثيراً على صنع الأحداث.

وإغفال هذه العوامل يؤدي بالضرورة إلى رسم سيناريو يتسم بعدم الواقعية، وفي النهاية فشله في رسم الصورة الحقيقية وكيفية الوصول إليها، ومن ثم يتحول السيناريو إلى فانتازيا لا تمت للواقع بصلة ويصبح القادم أسوأ.

وأخيراً لا بد للسيناريو أن يكون قادراً على تحديد النقاط الحرجة في المسار، وأن يتضمن القدرة على توقع الأحداث والتهديدات التي قد تؤدي إلى انحراف المسار عن اتجاهه المقرر.

لذا فلنرسم سيناريو يتضمن كل عوامل نجاحه، ولنتوكل على الله، وسيكون القادم أجمل بإذن الله.