قد يكون السؤال غبيا، إن سألت أحدهم أو إحداهن لماذا تريد أن تتزوج؟ فهو أشبه بـ(لماذا تريد أن تتنفس أو تأكل)، فالاحتياجات الأساسية من هرم ماسلو هي (التنفس، الطعام، الماء، النوم، الجنس، الإخراج... إلخ) وكلها متطلبات فطرية نشترك فيها مع الحيوان أكرمكم الله.

ولكن الحيوان لا يمتثل للشروط والأحكام بعكسنا نحن بني البشر، فالسؤال هنا بصيغة أوضح، هل أنت تعي ما هو الزواج، إذ إن المراهق والمراهقة وبمجرد أن يجد في جسده أي مؤشرات للبلوغ، يتحول إلى حالم هائم، فتتخيل تلك الأنثى أن فارس أحلامها يمتطي ذلك الفرس الأبيض، ليختطفها من بيت أسرتها المليء بالقوانين والرتابة، لتعيش أحلامها الوردية دونما رجوع للواقع، وكذلك المراهق «السوي» يتخيل تلك الفتاة التي بحنان أمه وأكثر، وبحب كالجبال لا يرى معه أي عيب وهكذا، وبمجرد أن «يتدبس» ذلك الفارس الممتطي لجواده في «قرض الزواج» بعد شهر العسل بفينة أو أقل، وتلك السندريلا لم تفقد حذاءها وحسب، بل فقدت إكمال والديها لنقص تدبيرها لشؤون المنزل، فيتحول الزواج من مجرد احتياج فطري، إلا واقع ملؤه الالتزام والتقيد.

باختصار شديد أن سبب كثرة الطلاق في مجتمعنا ولو لم يصل أرقاما قياسية عالمية، إلا أننا نصلها بالمبالغ التي يتحملها الشاب وحتى الفتاة قبل الزواج، فمن الطبيعي أن نجد شابا أنفق 60 ألف ريال فأكثر في ليلة وضحاها، وكذلك أسرة الفتاة، وما إن تمضي أشهر قليلة على الزواج، حتى يتبين لهم أن الزواج هذا كان حريا به أن يتم التوقيع على ورقة طويلة ختامها (أوافق على الشروط والأحكام)، خصوصا وأنهم معتادون على تلك الكلمات قبل فتح حساب للبنك وقبل أخذ التمويل والقروض وحتى قبل فتح حساب السناب شات ولعبة الببجي، فالزواج هو أهم رباط مقدس يحول ما كان بالأمس محرما دينا وعرفا، إلى حلال مستحب بمجرد كلمات يطلقها الزوج والوكيل، وفيه أسباب نشأة حياة أخرى للأطفال، فكيف لا يكون قبله قائمة طويلة من الشرح المفصل للحقوق والعقوق، وشرح مفصل لما هو عليه الزواج الفعلي وليس الزواج المبطن بالطلاق العاطفي، فهل يعي الزوج مثلا نص الفقرة 2 من المادة 113 من نظام الأحوال الشخصية أن للمحكمة فسخ عقد الزواج إن امتنع الزوج عن معاشرة زوجته 4 أشهر دون عذر مقبول، وهل الزوجة تعلم أن المادة 55 من نفس النظام تسقط النفقة عنها بمجرد امتناعها عن زوجها أو عدم السفر معه أو غيرها.

مشكلة الطلاق لدينا أن العقول مغيبة عن الحقوق فترة الخطوبة والملكة وأول شهور الزواج، فهل من الممكن أن نسمع يوما أنه لا يمكن إتمام عقد النكاح ما لم يحضر الزوج والزوجة دورة إلزامية مختصرة تنتهى بالأسئلة التي تؤكد نجاح أو رسوب المتقدم عليها، وعلمه التام بحقوقه التي كفلها النظام له وكفلها للزوجة عليه، هل يعي المتقدم للزواج أنه يقترب من أهم مراحل حياته بأنه سيخرج منه حياة أخرى لها واجبات وحقوق والامتناع عنها عقوق، وهل من الممكن أن تكون هناك إحصائيات عن عدد القضايا المنظورة أمام دوائر الأحوال الشخصية في المحاكم سببها جهل أحد طرفي الزواج بالشروط والأحكام للزواج، وإلا فعلى المقبل على الزواج أن يستبدل جملة (أريد أن أتزوج لأستقر) إلى (أريد أن أتزوج لأتطلق).