أحياناً، يزورني شعور سيئ يتمثل في كوني إنساناً بلا ذمة ولا ضمير، ولا يردعني دين أو نظام أو قانون، وكل هذا الإحساس يزورني تزامناً مع زيارة كل رسالة تصلني من "هيئة مكافحة الفساد"، الهيئة الموقرة استدلت على أرقام هواتفي وأمطرتني بالرسائل المحذرة من الرشوة، والعجيب في الأمر أنها تكرر الرسالة ذاتها: "الرشوة جريمة دينية وخيانة وطنية فكن عونا على محاربتها"، وكأن الفساد أجمع تجسد في صورة مرتش، طغى وتكبر وعثا في الأرض، وتجاهلت كل "التجسدات" الموجودة على أرض الواقع!
حسناً، سأتحدث عن أمر (ربما) يهم "الهيئة" و(ربما) لا؛ فطالما أنني بدأت حديثي عنها، وفي الوقت ذاته لدي تساؤلات تسكنني - "كسكن عرقة" بلا مقابل - فلنتشارك التفكير بصوت عال، ولنبحث عن إجابات معاً.
لم أستطع حتى الآن فهم ارتفاع عدد مستفيدي "حافز" إلى 1.228.007 بزيادة نسبتها 6% بحسب وزارة العمل، في الوقت الذي تقول الوزارة ذاتها: "(لقاءات) يعرض 4500 وظيفة في القطاع الخاص للجنسين"، وتقول أيضاً: "لقاءات جدة.. 8 آلاف فرصة عمل في 70 شركة"، والمؤسف في الأمر أن هذا الشهر (تحديداً) شهد زيادة نسبة الإناث في البرنامج ووصلت إلى 86% من إجمالي المستفيدين.. في زمن زعمت فيه "العمل" أنه تم تأنيث العاملات في (معظم) المحلات النسائية؟! مع العلم أن رقم "حافز" تم إعلانه قبل تخريج 6 آلاف طالب وطالبة من مبتعثي أميركا، وقبل أن تأتي إجازة الصيف المتمثلة في زج عدد كبير من الخريجين لسوق "البطالة"!