«القيادة فن وأخلاق» هذه العبارة سمعتها كثيرًا ولكن لم أكن أدرك معناها حتى أصبحت أقود سيارتي بنفسي، هنا فقط أدركت المضمون الحقيقي لهذه العبارة.

القيادة أخلاق ولكن ليس الكل يمتلكها، فرغم كل كاميرات رصد المخالفات، ورغم كل القوانين التي من المفترض أن تضبط من لا يراعي ضميره ولا يلتزم بقوانين المرور وهو خلف مقود سيارته، إلا أن التجاوزات أصبحت مرهقة بشكل لا يطاق.

بعض هذه التجاوزات ترتكب جهلًا بقوانين وأدبيات قيادة السيارات، كالخروج من الشارع الفرعي إلى الرئيسي بدون الوقوف لثواني يتأكد فيها قائد المركبة أن الطريق خال له.. أو الخروج إلى مسار غير مساره من شارع فرعي إلى رئيسي، أو القيادة في المسار الأيسر بسرعة منخفضة جدًا قد تصل إلى الـ 50 كم أحيانًا، أو الجهل بمسارات الدوار مما يسبب ارتباك خطر لمن بداخله، وهذه التجاوزات التي تحدث نتيجة الجهل أو عدم الإلمام الجيد لقوانين السير غالبًا ما تأتي من بعض العمالة الوافدة، أو كبار السن، أو النساء ممن يبدأن أول مشاوير القيادة.

أما النوع الثاني من التجاوزات فهو ما يرتكب قصدًا من بعض المستهترين الذي لا يراعون قوانين ولا تهمهم مخالفات ولا يراعون الضمير في إرباك وإخافة السائرين بأمان الله في طريقهم دون أخطاء..

فهؤلاء تجدهم يقطعون الإشارات، ينتقلون من مسار إلى مسار دون إعطاء إشارة وبسرعة مخيفة، يتجاوزون بتبجح عند مخارج الطرق بحيث يختصرون طابور طويل يقف احترامًا لقوانين المرور، وهذا أو ذاك يأتي بكل ما أوتي من استهتار ويحشر سيارته عند مدخل الطريق والويل لمن لا يعطيه فرصة المرور، وهذه المخالفات عادة ما تصدر من شباب مستهتر، أو من عمالة لا أعرف كيف حصلت على رخص قيادة..!

من المخالفات أيضًا، عدم الاهتمام بسلامة السيارة كتلك العربات التي تملأ الجو بعوادم سيارات ضارة، أو القيادة دون إضاءة الأنوار ليلا لعدم صلاحية مصابيح السيارة، أو القيادة بلوحات سيارة ذابت معالم أحرفها وأرقامها فلم تعد تقرأ..! كل هذه مخالفات يحاسب عليها القانون ولكننا نراها بكثرة في مشاويرنا اليومية..!

وطبعًا لن أختم مقالي دون الإشارة إلى تجاوزات المارة القاتلة التي تجني على قاطع الطريق وعلى من يقود سيارته بالسرعة القانونية ثم يتفاجئ بمن يقطع الشارع من مكان ليس مخصصًا لعبور المشاه.. فيضطر إلى محاولة تفادية يمينًا أو يسارًا مما يعرضه للاصطدام بالغير..!

ما سبق.. غيض من فيض الأخطار بسبب الأخطاء.. التي تقع وسط طرق نسلكها يوميًا، رغم أن هناك قوانين صارمة بحق كل متجاوز، ومخالفات مرورية بمبالغ من المفترض أن تكون رادعة لمن يتجاوز، ولكن للأسف أن البعض لا يلتزم بقانون ولا تؤثر فيه الغرامات المالية.

أعتقد أن القوانين والمخالفات قد يكون لها تأثيرها القوي في النوع الأول من المخالفين، الذين يرتكبون الأخطاء جهلًا بالأنظمة لا قصد.. وهنا يكون للقانون أثره في «كل مخالفة بتعليمة» يتعلم منها المخالف من خطأه فلا يعود اليه.

أما النوع الآخر، السائق المستهتر الذي يتعمد الخطأ، فليت يكون هناك تدرج في العقوبة التي تصل إلى إيقاف رخصته ومنعه من القيادة لمدة تطول مع كل تكرار لمخالفاته.. أما العمالة فليت يكون هناك اختبارات صعبة جدًا يجب عليه النجاح فيها قبل أن يستلم مقود سيارة يتحكم فيه وسط شوارعنا.. اختبارات تبدأ في بلده.. وتستكمل هنا.. إن لم ينجح فيها فالمكتب يعيده ويتحمل تكليف إعادته مع تعويض المستقدم بسائق ذا خبرة عالية في القيادة..

القيادة فن وأخلاق ومسؤولية، الخطأ أو الاستهتار بها قد تكلف أرواح غالية لا تعوض بأموال الدنيا.. وكلما زادت الصرامة في معاقبة من أساء استخدام الطرق وتجاوز بأخطاء قد تضر الآخرين.. زادت نسبة أمن الطرق، وتعلم الناس أخلاق القيادة.

أسأل الله أن يحفظنا جميعًا من كل مكروه.