هناك قرارات هامة، ونستطيع القول إنها تغييرات جذرية حدثت خلال الأيام الماضية، لكن لم تأخذ النقاش المطلوب لتحليلها، بل خرجت بالصحافة والإعلام على ظاهرها، التي إلى حد ما لم تتلق الرسالة بكل وضوح، ولم تقم برؤية دلالاتها.

قرار تحويل جامعة الملك سعود إلى أن تكون تحت مظلة الهيئة الملكية لتطوير الرياض، وأيضا إعطائها الاستقلالية عن أنظمة الجامعات الحكومية والمؤسسات الأهلية، يبدو من وجهة نظر شخصية، أن هناك رؤية لتطوير الجامعة إلى مصاف الجامعات العالمية، وتخليصها من تكبيل أنظمة وزارة التعليم والتعليم العالي سابقًا والبيروقراطية وملحقاتها، لكن هناك شيئًا مهمًا، هذا يعني بما أن القوانيين تغيرت، وأن هناك رؤية بوضعها في مصاف أرقى الجامعات، فهي تحتاج إلى إدارة عالمية لنقلها لمصاف العالمية، ليس منطقيًا، في العادة أن تترك الإدارة نفسها التي أوصلت الجامعة إلى وضعها الحالي، أن تنافس عالميًا حتى لو تغيرت الأنظمة.

كتبنا سابقًا وبعدة مقالات ولعدة مرات، أننا نتمنى تغيير مديري وإدارات كثير من الجامعات السعودية، وجلب مديرين تنفيذيين عالميين لإدارة الجامعة، وأن يصبح مدير الجامعة منصبًا تشريفيًا فقط، وربما طرحنا لم يعجب الوزارة أو أنها لم تعلق عليه، وها هو الوقت المناسب الآن، بدأنا نرى بعض الجامعات، وربما الكبرى، ستبدأ بالاستقلالية التامة عن الوزارة.

وهذه دلالة مهمة أخرى تبين أن القيادة العليا لديها بعد نظر وإستراتيجية بعيدة المدى، وتعرف الأمور على الواقع، وأن محاولات بعض الجامعات لتلميع نفسها ببعض الأخبار لم تغير في الواقع شيئًا، وكتبنا كثيرًا أن الرؤية طورت كل قطاعات الدولة تقريبًا، لكن هناك مجالين لم يلحقا بالركب نسبيًا، وأحدهما الجامعات وإداراتها!.

الخبر الآخر هو أن صندوق الاستثمارات يريد إنشاء شركة طيران عالمية لتكون جسر تواصل بين القارات والمملكة.

دعونا نتكلم بواقعية، شركة الخطوط السعودية رغم تاريخها العريق سابقًا، إلا أن السنوات الطوال أدت إلى ترهل إداري وضعف في الأداء لسنوات، وبعد ما كانت المتسيدة قبل عقود للطيران الدولي في المنطقة، أصبحت خلف القائمة لشركات الطيران الخليجية الكبرى، ومحاولات التحسين والتنظيم موخرًا لم تكن بالنتائج المأمولة.

لذلك إنشاء شركة طيران جديدة تشغل بطريقة عالمية، بإدارة عالمية، دون الاعتماد على البروقراطية وطريقة التعامل والفكر القديم أفضل حل ممكن، ومع الوقت لا نعلم ماذا سيحصل لشركة الخطوط السعودية!؟

وهناك عامل آخر في الطيران وهو المطارات، فمهما طورت وبنيت مطارات حديثة، إذا لم تكن عقلية وفكر الإدارة جيدًا، فإن الوضع لن يتحسن! ورأينا ما حدث في مطار الملك عبدالعزيز الجديد قبل فترة، فالبشر وعقلياتهم أهم من الحجر مهما بني على أعلى طراز!.

أعتقد أن الحكومة والقيادة العليا تفهم بوضوح الواقع وتعالجه ولا تتاثر بما يحاول البعض تلميعه من أخبار، وهذان المجالان دليل واضح على بعد نظر الرؤية، وربما قطاعات أخرى ستلحق أيضا!.

أعتقد أن هذين المثالين يشرحان بوضوح مقولة الدكتورغازي القصيبي «محاولة تطبيق أفكار جديدة، بواسطة رجال يعتنقون أفكارًا قديمة، هي مضيعة للجهد والوقت».

بدل محاولة تصليح ما لا يصلح، أو معالجة جسم مثخن بالعيوب وأفكار قديمة بالية، فالحل هو إحضار إدارة جديدة وأفكار إبداعية خلاقة، وبناء على فكر دولي محترف.

شخصيًا سعيد بالخبرين، وكل يوم ازداد ثقة بأن الرؤية في أمان وتطور في وجود سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي ينظر إلى الأمور بواقعها، وكما هي عليه دون رتوش، ويقوم بإصلاحها جذريًا، وليس فقط تعديلات أو مسكنات.