لا تاج تُباهي به جماعة دينية فاشية عن الأخرى، الجميع سواسية،وأبواب المقارنات كثيرة، فالكل منهم رقص على جثث المعدمين والمحتاجين والبسطاء، والتاريخ يشهد بذلك، فهو ما يصنع الأحداث وليس العكس، وأسامة بن لادن له كثير من الأشباه، كحسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين «الإرهابية»، وفي طهران حيث الخامنئي، وحسن نصر الله في لبنان، ونوري المالكي وفالح الفياض وقيس الخزعلي في العراق، وعبد الملك الحوثي في اليمن، هذا يشبه ذاك، وذاك نسخة من هذا في التطرف والشهوة لاستنشاق رائحة الدماء. لديهم العطش يُطفئ بالدماء وليس الماء، شكوا من أنظمة الحكم الخاصة بهم، وهم في المنهجية والتأسيس متطرفين؛ وأقدامهم غارقة في الوحل حتى أخماصها.
ولجماعة الإخوان المسلمين نصيب كبير مما سبق، فهي إرهابية ومن يتعاطف مع فكرتها، ومن يؤمن بأيديولوجيتها، كما هو تنظيم القاعدة، وتنظيم الدولة الإسلامية المزعوم «داعش»، والجمهورية الإيرانية.
دمغ هذه الكيانات بالإرهاب ليس اجتهادا شخصيا أو وليد الصدفة، إنما ثمة ما يمكن تسميته بالأساسيات التي تجتمع حولها التكتلات، فالتوسع والسيطرة، والبناء على الهدم ديدنها وحجر الأساس الذي بُنيت عليه، ولك يا صديقي مساحة التفكير والخيال، بأن هدف جميع ما تم ذكره «القاعدة – الإخوان المسلمين – داعش - إيران» توسعي في وضح النهار، ولك النظر أيضا في تاريخ أولئك الذين يشتركون في نشر الاقتتال وتغذية المارقين.
ومن باب الاستدلال وربط الأمور ببعضها البعض، لا غرابة بأن يكون الغرب الذي يعتبر أبرز المؤيدين لجماعة الإخوان، حاول منح إيران قبلة الحياة، عبر الإمضاء على «أسوأ اتفاق في التاريخ»، الذي أبرمه باراك أوباما في 2015 مع جمهورية تعلن العداء لأكثر من نصف الأرض. وبالمناسبة باراك أوباما كان رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية، وكان يملك الأدوات لتحريك جزء لا يستهان به من العالم، ولم يكُن نادلاً في البيت الأبيض، وزعماء القارة العجوز، وهم من هرولوا للإتفاق النووي مع إيران لإنقاذ قارتهم - بعد خروج المملكة المتحدة حسب خيالهم القاصر - من التكتل الأوروبي -، كانوا ذوو صوت عال، أو على أقل تقدير كلمة مسموعة في المحافل الدولية في ذلك الإتفاق المشؤوم، دون مراعاة للمصالح الإستراتيجية مع دول المنطقة الحساسة والمعتدلة.
وهذا الباب يقود للنظر إلى ما هو أهم من ذلك، كقبول واشنطن وبعض من دول أوروبا، وجود زعامات من المنتمين للإخوان المسلمين على أراضيها، وهذا في حقيقة الأمر يشبه في الشكل والصفة، استضافة الجمهورية الإسلامية الإيرانية لرؤوس القاعدة، وفي مقدمتهم زعيم التنظيم، الذي ذكرت أنباء ومعلومات استخباراتية غربية، أنه تلقى العلاج في طهران. فوجود زعيم تنظيم القاعدة في إيران، كما هو وجود أي مؤثر في جماعة الإخوان المسلمين «الإرهابية» في أوروبا، أو أمريكا. الفارق الذي قد يحول بين هذا وذاك هو الانتقائية والنرجسية الغربية، التي وصلت مبلغاً أقرب إلى مفهوم «خلق الأزمات»، ولو أني أصبحت أشك في السياسات الغربية، وبت أتصور أن ذلك مخطط له في العواصم الباردة؛ في ضربٍ من ضروب جحود ونكران الحلفاء الاستراتيجيين، ممن يمثلون صور الرزانة والاعتدال السياسي.
وحديثي اليوم نابع من صمت الجماعة على الممارسات الغربية التي توصف بـ«الإمبريالية»، مقابل المعاداة التي تُكنها تلك الجماعة ومن يشابهها في الأيديوليجية والنموذج الفكري والسياسي، وهذا يقودني إلى طرح سؤال مشروع، وهو: لماذا يستهدف على الدوام هؤلاء الفاشلون، المملكة العربية السعودية، ودول الخليج، ويحاولون جعلها شماعة لفشلهم الذريع في كل شيء «كالدين والسياسة والاقتصاد»؟ الجواب: لأن هذه الدول تعتبر نماذج ناجحة في التنمية وصناعة الإنسان والاستثمار به. فالأنظمة السياسية والاجتماعية التي تتشكل على أساسها منطقة الخليج، أنظمة صلبة تتصادم مع أساسيات بناء جماعة الإخوان الهشة في المعتقد والشكل السياسي والأخلاقي.
ما أريد قوله هو أن القرار الذي أصدره المجلس الأعلى لمسلمي ألمانيا قبل أيام والقاضي بطرد منظمات تنتمي لجماعة الإخوان المسلمين وعزل ممولها المالي، يمثل سقوطا مدويا لأهم قلاع الجماعة في أوروبا، ويستدعي في الوقت ذاته احتساب ردود الأفعال التي قد تنجم عن التشرد والشتات التي أصبح الإخوان يعانون منه، والخوف أن يكون ذلك – أي رد الفعل - عكسيًا متطرفًا يستهدف أوروبا ذاتها أو بعضًا من الحلفاء، كنوع من انتقام الجماعة التي عاشت لعقود تصول وتجول في القارة العجوز، على أساس الحرية والعدالة الاجتماعية التي يتشدق بها الغرب.
والقرار بزعمي ليس مهمًا بقدر أهمية الإيمان بإرهاب هذا السرطان الذي نخر في جسد الأمة عشرات السنين، وأسهم بحالة من الارتباك السياسي والاجتماعي في دولٍ عانت ولا تزال من تغلغل الفكر الفاشي الذي يؤسس هذه الجماعة المتطرفة.
وهذا يقود للنظر إلى الحكمة التي يتمتع بها السعوديون والخليجيون، وهم من قاموا بتجريم هذه الجماعة قبل سنوات، وذلك ليس اعتباطًا أو نابعًا من عاطفة؛ إنما ينم عن إدراك عن أن هذا الكيان إرهابيٌ في القول والشكل والصفة.
فالتعاطي مع الإخوان..
كالرقص مع الأفعى.
مهما تمايلت طربًا..
ستظل تنبض بالسم.
لذلك لا حل لهم..
إلا هدم المعبد.. على رؤوس الجميع.