الثقة مطلب ينبغي أن يتحقق في الأحوال كلها، وبين البشر، فمتى وُجدت الثقة تكاتف المجتمع، واستمع كل واحد منهم للآخر، وأصبحوا قابلين للنصح والتناصح مبتعدين عن الخوف والتردد، والأوهام التي تساور المرء، فكلما شطبت سجلات الثقة من حياتك وتعاملاتك؛ فقد أصبحت معزولًا، وانتابك الخوف من الآخرين ولو كانوا محقين، وهذا بلا شك أمر غير محمود وظاهرة غير صحية.

لكن الظاهرة الضارة هي الثقة المفرطة في الأشخاص الذين لا تعرفهم ولم يسبق لك التعامل معهم، ولم يسبق لك رؤيتهم فهذا خطأ جسيم يرتكبه الشخص في حق نفسه أولًا ثم أسرته ومجتمعه؛ لأنه سلم رقبته لمن لا يرحمونه؛ بل ويتلذذون في سماع صيحاته واستنجاداته لهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

ومن هذا المنطلق فقد ساءني كثيرًا ما سمعته من حديث لأحد الأشخاص، قائلًا: لقد قام أحد الأشخاص بسحب مالي المتوفر برصيدي كله، شارحًا سبب سحب رصيده بأن هناك شخصًا محتالًا عرض عليه عبر الهاتف مشروعًا مربحًا جدًّا وغير مكلف، ولا يتجاوز بضعة ريالات، ثم ذكر له أنه سوف يفتح له محفظة استثمارية لمشروعه، ووافق ذلك الشخص على الفور دون تثبت أو إبرام عقود، ثم أعطاه جميع ما يحتاجه من معلومات، وبعد بضع دقائق أرسل له ذلك الشخص المحتال رابطًا؛ ليُفعِّل المحفظة التي سوف يجني منها ملايين الريالات، ولكن للأسف من خلال هذا الرابط سيخسر ماله أو بعضه، ولا يعلم هذا الشخص المدرعم أنه وقع ضحية احتيال كبير، حيث وصلت هذه الأموال للمحتال بسهولة وعلى طبق من ذهب دون عناء، وبالفعل سُحب ماله، ولا يُسمع لهذا الشخص إلا صيحاته ومناشداته، ولكن قد فات الأوان لاسترجاع تلك الأموال، ولو أصغى لجهات الاختصاص التي حذرت كثيرًا من هؤلاء الأشخاص المحتالين لنجا من مكرهم.

والأدهى والأمر عندما تنساق وراء شخص قد يجلب لك السجن والغرامة المالية، ويضر بسمعتك، وتصبح وصمة عار على جبينك إلى الأبد.

كما لا يقل أهمية عن ذلك: الانسياق خلف الشائعات التي يطلقها المغرضون، والحاقدون على الوطن وأمنه، واستقراره، ثم تقوم بمشاركة تلك الشائعات مع الآخرين من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، أو الحديث عن تلك الشائعات بالمجالس دون تحري الدقة والصحة حول ذلك، وبلا شك فإن هذه الشائعات يستفيد منها أعداء الوطن، وتضر به لذلك لا تسلم رقبتك للمحتالين والمغرضين على طبق من ذهب، وكن حذرًا وأبلغ الجهات ذات الاختصاص لقطع دابر هؤلاء، وكن سدًّا منيعًا للوطن.