من أبرز صور الاحتفاء بالوطن حدث سنوي بارز تحتفل فيها بلادنا الغالية وهو اليوم الوطني للمملكة منذ تأسيسها على يد المغفور له الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود يرحمه الله، مرورا بفترات حكم أبنائه البررة من بعده ملوك هذه البلاد يرحمهم الله وحتى عصر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز يحفظه الله.

ففي هذه المناسبة السعيدة نفخر نحن الشعب السعودي بتاريخ تاسيس هذه الدولة المجيدة ونتذكر بفخر ونشيد بخططها التنموية ومنجزات قادتها الملوك الأمناء وجميل ما قدموا وصنعوا وما قاموا به من أعمال ومشاريع وطنية جليلة وجهود جبارة تعجز المجلدات والكتب عن حصر تفاصيلها ,فعلى المستوى الداخلي تم ترسية ركائز الامن الامن الوطني الشامل والعمل على توحيد وحدة صف المجتمع وتقوية إلارادة الوطنية، ونشر وتحقيق العدل والمساواة بين الجميع,وتم استثمار الطاقات البشرية والموارد الاقتصادية الطبيعية للنهوض ببناء ونماء شموخ هذا الوطن في جميع المجالات,واما على المستوى الخارجي فقد تم تأسيس وتوطيد وتعزيز اوجه التعاون والعلاقات الدبلوماسية مع جميع دول العالم والمنظمات الحكومية والغير حكومية والحرص الدائم على احترام وتطبيق وتنفيذ المعاهدات والمواثيق الدولية والقانون الدولي والتمسك بها وفق استراتيجية امن وطني رائدة تهدف نحو تحقيق غايات نهائية وهي الامن والاستقرار والرفاهية للمواطن والوطن، وهذا هو جوهر سياسة وطن العز والمجد ,وطن الخير والعطاء,وطن الحكمة والرصانة, وطن الحضارات والتراث, وطن قام على زرع بذور شتى أنواع العلوم والمعارف وجنى مردود ثماره في مختلف مناطق ومدن ومحافطات وهجر وقرى المملكة، وعزز من الصحة العامة للجميع وحرص على تحقيق الازدهار والرفاهية للشعب, لقد حرص قادتنا الأوفياء في هذه البلاد المباركة خلال الأزمنة الماضية وحتى وقتنا الحاضر على أن تمتد مسيرة الخطط والمشاريع التنموية لتشمل جميع أرجاء ومناطق المملكة والاهتمام المستمر على خدمة وتطوير المسجد الحرام في مكة المكرمة وكذلك المسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة ونيل شرف خدمة ضيوف الرحمن من الحجاج والزوار والمعتمرين.

إن ما تحقق من نجاحات وانجازات لهذا الوطن طيلة العقود الماضية لترسخ في أذهان شعوب المنطقة والعالم الصورة الذهنية والجميلة والرائعة والحسنة والحقيقية لوطننا الغالي المملكة العربية السعودية.

ونظرا لأهمية الأحتفال بمناسبة اليوم الوطني مما يعزز ويسهم في تعزيز الولاء والانتماء للوطن فلعلي أشير هنا إلى أهمية مساهمة أبناء الوطن من المواطنين والمواطنات فيما يسمى بالقوة الناعمة للدول, التي يتجلى معناها الحقيقي وبوضوح فيما نشاهده في وسائل الإعلام وجميع وسائل التواصل الاجتماعي من مشاهد وصور لهذه الاحتفالات الكبرى ونشرها في جميع وسائل التواصل الإجتماعي التي جميعها تعبر عن اعتزاز وولاء هذا الشعب للقيادة الرشيدة وفخره وتشرفه بانتمائه لهذا الوطن الكبير ,وذلك لما عرف عن هذا الشعب في سماته العظيمة من المحبة والخير والتسامح والإنسانية والتعايش مع الآخرين الذي يتطلع أيضا لبناء مستقبل مشرق وواعد للوطن.

إن هذه المشاهدات الحميلة لصور التلاحم بين الشعب والقيادة لهي تحمل معاني أخرى من جمال وصدق الولاء والانتماء والحب للقيادة الرشيدة والاستماتة الفطرية في الدفاع والتضحية للذود عن هذا الوطن.

إن بلادنا ولله الحمد تمتلك جميع أشكال وصور ما يسمى بأدوات القوة الناعمة ومقوماتها, إضافة إلى امتلاكها المتكامل للقوة الصلبة سواء في قدراتها العسكرية او في تنوع اقتصادياتها المختلفة والمتعددة,إضافة إلى الاستراتيجية الصحيحة والتنفيذ الدقيق للخطط الأمنية والتنموية الشاملة، أظهرت للعالم القوة الناعمة للوطن والتي مع مرور الوقت عززت من مكانة وقيادة وريادة المملكة سواء على المستوى الإقليمي أو المستوى الدولي، فالمملكة تقع في قلب العالم العربي والعالم الإسلامي وتربط بين قارات وحضارات العالم وتتميز بموقعها الجيواستراتيجي، وقد حباها الله بوجود أقدس بقاع الأرض ومهبط الوحي ومنبر الرسالة، ففيها الحرمين الشريفين وهي قبلة المليار ونصف مليار مسلم، إضافة إلى تاريخها الزاخر والثري بالحضارات القديمة والإسلامية.

لقد أضفت المملكة وبقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين في السنوات الماضية ومن خلال رؤية الوطن 2030 ,ومن خلال جهودها وأعمالها السياسية والاقتصادية والامنية والاجتماعية والثقافية وعضويتها في مجموعة العشرين الاقتصادية، ومبادراتها التي أعلنها سمو ولي العهد في 2021 الهادفة إلى نشر الغطاء الأخضر من خلال السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر وذلك للمساهمة في جهود مكافحة التغير المناخي من خلال رفع الغطاء النباتي في دول الشرق الأوسط، وتقليل انبعاثات الكربون، ومكافحة التلوث وتدهور الأراضي، والحفاظ على الحياة البحرية,كل هذه الانجازات والنجاحات إضافة بعد وثقل استراتيجي ونوعي إلى قوة المملكة الناعمة والتي بعون الله سيستمر استثمار هذه القوة حاليا ومستقبلا في تعزيز مكانة الوطن إقليميا وعالميا.

أن من الأهمية بمكان أن يتنبه مسئولي القطاعات الحكومية والقطاعات الخاصة والقطاع الثالث ومدراء الجامعات إلى ضرورة بذل الكثير من الجهود في تعميق الفهم والمعرفة في جذور القوة الناعمة للمملكة والنهوض بها ,من خلال المحافظة والتعاون على تعزيز هذه القوة ,في ظل امتلاك الوطن هذه الأدوات و الوسائل لمكوناتها, وحتى نحقق أهداف رؤية الوطن 2030م من دون عوائق او قصور.

تبقى الرسالة الأخيرة موجه إلى جميع أبناء وبنات الوطن كلا من موقعه سواء داخل المملكة او خارجها بالتمسك بالقيم والأخلاق الفاضلة لتعزيز الشخصية الوطنية الصالحة في ذات كل واحد منا، لنعكس الصورة الحسنة لأنفسنا أولا ومن ثم لهذا الوطن الغالي, إن التمسك بشخصية المواطنة الصالحة سيعزز من إبراز الصورة الذهنية الرائعة والصادقة للعالم عن المملكة بكل ما تملكه من جودة الحياة وجودة جميع عناصر قواها الوطنية، وكذلك بشعبها الوفي بكل ما يملكه من روح التسامح والأخوة وقوة وترابط وحدة الصف.

وفي الوقت نفسه تميز هويتنا الوطنية الفريدة التي أضافت إلى الوطن مزيدا من القوة والتفوق والتميز للشخصية الاعتبارية للمملكة العربية السعودية المحبة لإرساء وتثبيت دعائم السلم والآمان والاستقرار سواء في المنطقة أو في جميع قارات العالم.