(نحن طبيبات ولسنا فنانات! وأنا أؤمن أن لكل مقام مقالا)، هكذا نهرت الأستاذة في كلية الطب إحدى طالباتها بعد أن لاحظت أظافرها الطويلة.

منذ ذلك الحين تعلمت أن التزين ليس مكانه المستشفى، وعادة الممارسة الصحية في الأقسام الحرجة لا تجد وقتاً للزينة، وطبيعة عملها تمنعها من ذلك، وسلوك قلة قليلة لا نعممه على الجميع.

حقيقة العمل في المستشفيات يرينا آلام الناس، نشعر بالحزن مع كل مريض نفقده، نفرح بكل مريض تماثل للشفاء ونحتفل بخروجه، إنسان من الممكن أن يمر بكل هذه المشاعر المتناقضة في يومٍ واحد، هو إنسان مختلف، أو يفترض أن يكون كذلك.

لكن السؤال، هل هناك قانون ينظم لباس ومظهر الممارسة الصحية؟، نعم هناك dress code، وهذا يعني أن هناك نمطاً معيناً وشروطا للباس ومظهر الممارس الصحي، رجالاً ونساء.

هناك اختلاف ما بين الموظف الإداري والممارس الصحي، الأول يؤدي عملاً مكتبيا والآخر عمله ميداني، في أقسام الطوارئ والعمليات والعنايات المركزة، يواجه المرضى ومسؤول عنهم وعن سلامتهم، وأهم عنصر للحفاظ على سلامة المرضى هو منع العدوى، و العنصر المحوري في منع العدوى هو تعقيم اليدين في اللحظات الخمس، قبل ملامسة المريض وبعدها، بعد ملامسة محيطه كسريره أو طاولته، عند التعرض لسوائل جسم المريض، قبل أداء الإجراءات الطبية، لا يمكن تحقيق تعقيم اليدين بأظافر طويلة.

أتذكر قبل أيام التحقت بقسم العناية المركزة لحديثي الولادة، طبيبة امتياز كجزء من تدريبها الإجباري، أول شيء اشترطته عليها هو قص أظافرها، أقسام العنايات المركزة وأقسام العمليات أكثر الأقسام التي من الممكن أن تنتشر فيها العدوى، لذلك لا أحد يطيل أظافره، وهناك ملابس معينة لهذه الأقسام لمنع العدوى بين المرضى، مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها CDC وضعت توصيات بشأن طول الأظافر أو استخدام الأظافر الاصطناعية، أوصت بعدم ارتداء الأظافر الاصطناعية، خاصة في وحدات العناية المركزة وغرف العمليات، وأنه يجب الحفاظ على الأظافر الطبيعية بطول 1/4 بوصة أو 2 ملم، لأن الدراسات وجدت أن الأظافر التي يزداد طولها عن 2 ملم أو ما يعادل ¼ بوصة ينمو تحتها كثير من الجراثيم، ما يقارب 32 نوعا من البكتيريا و 28 نوعاً من الفطريات وبعضها مقاوم للمضادات الحيوية.

هل هناك فرق بين الأظافر المطلية بالألوان والأظافر غير المطلية؟

نعم وجدت الدراسات أن السيدات اللاتي يطلين أظافرهن بطلاء الأظافر، الجراثيم تجد في أظافرهن سطحاً أفضل للالتصاق والبقاء، أكثر من السيدات اللاتي لا يقمنّ بذلك.

وفي الحياة العامة إذا اختارت أي سيدة أن تطلي أظافرها، فَيُنصح بوضع طبقة جديدة بعد أربعة أيام، لأنه إذا تقشر جزء من الطلاء وبقي جزء يساعد على نمو الجراثيم بين الظفر والطلاء، وبالطبع هو كذلك بالنسبة للممارسة الصحية، إذا اختارت أن تضع طلاء على ظفر لا يتجاوز طوله ¼ بوصة! حسب توصيات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، و كما تنصُّ عليه توصيات منظمة الصحة العالمية بالنسبة لطول الأظافر المسموح بها في المنشآت الصحية، والغريب في الأمر أنه حتى بعد غسل اليدين واستخدام المقشرات الجراحية أو فرك اليدين، غالبا ما يبقى عدد من الجراثيم المسببة للأمراض تحت الظفر الذي يتجاوز طوله ¼ بوصة.

بعيداً عن فكرة الزينة، الممارسات الصحيّات لديهن قوانين يعرفنها جيداً، وعادة يتابع الممارس الصحي في تطبيق قواعد منع العدوى أثناء تأدية عمله، إطالة الأظافر وطلائها ممنوع في المنشآت الصحية بالذات في الأقسام الحرجة والعمليات، حتى استخدام القفازات الطبية لا يعفي من تعقيم اليدين قبل وبعد، فالقفازات الطبية لا تُستخدم في كل شيء، لا تُستخدم مثلاً عند فحص المرضى إلا في حالات معينة، في أقسام العمليات والعنايات المركزة بأنواعها ممنوع ارتداء الخواتم والأساور، والساعات عند رعاية المريض، لمنع العدوى والحفاظ على سلامة المرضى، الأصحاء فقط هم من يراقبون الناس، أمّا المرضى فيراقبون جودة الخدمة المقدمة لهم، لا يهمهم من يقدمها لهم، بل كيف يقدمها.