حين يقوم البشر بالكتابة عن موضوع ما، سواء على شكل مقالة، أو خبر صحفي، فإن النصوص التي يكتبونها تحتوي على عدد من الشخصيات والأماكن والأحداث، والتي بدورها تشكل قصة عن موضوع ما، وتسرد الأحداث التي ترد فيها، بحيث تفصل في علاقة الشخصيات بالأحداث، وتذكر طبيعة تلك العلاقات.

على سبيل المثال، قد تورد قصة ما أن أحد الشخصيات قام بتقديم هدية إلى شخصية أخرى، مما أضفى البهجة والسرور عليه، والبشر بطبيعتهم يستطيعون تحليل جميع العناصر التي وردت في تلك القصة، بل ويعد من السهل عليهم أن يستخرجوا العلاقات بين تلك العناصر، فيستطيع البشر بكل يسر معرفة أن الشخصية الأولى هي من تسبب في سعادة الشخصية الثانية في القصة.

القدرة على تحديد العلاقات والمسببات للأحداث بين عناصر أي قصة، هي وسيلة للبشر للحفظ والتذكر، وهي طريقة للتحليل واستذكار القصص والمقالات التي يقرؤونها، بل هي أيضًا وسيلة للربط بين أحداث القصص والمقالات الأخرى، التي تمر عليهم في مواضع مختلفة، وإن أراد أحدهم استخدام الأجهزة الحديثة كالكمبيوترات والهواتف النقالة، لمساعدته في حفظ وفهم المقالات والأخبار، فهي إن لم تقم بما يستطيع البشر القيام به، من التعرف على الأحداث وبناء العلاقات بينها وتحديد المسببات لما فيها، فإنها إن لم تستطع القيام بكل ذلك، فلن تكون ذات فائدة مرجوة.

ومن هذا يتبين أهمية اتباع نفس الطريقة التي يتبعها البشر حين يتم حفظ واسترجاع المعلومات في أجهزة الكمبيوتر، وهذا فعلا ما سعى له عدد من العلماء في بعض أبحاثهم، ومنهم الدكتور يوبو تشين (Yubo Chen) مع عدد من الباحثين بالأكاديمية الصينية للعلوم (Chinese Academy of Sciences) في عام 2015، حيث درس في أحد أبحاثه قدرة الكمبيوتر على القيام بثلاث أمور، أولها التعرف على الأحداث التي ترد في قصة أو مقالة أو خبر ما، وثانيها التعرف على أطراف تلك الأحداث كالأشخاص أو الأماكن الواردة بها، وثالثها التعرف على العلاقات والمسببات لتلك الأحداث، وقد نجح بالفعل في تقديم نموذج مقترح يقوم بهذه المهام.

ومنذ ذلك العام والأبحاث مستمرة في مجال تحديد الأحداث والعناصر والعلاقات والمسببات لها داخل النصوص، كالتي قام بها الدكتور شي شانجيو (Xi Xiangyu) مع فريق بحثي من جامعة بيكنج (Peking University) عام 2021، لكن الدكتور شي اتخذ طريقة مختلفة هذه المرة، حيث عمد إلى تصميم خوارزمية ذكاء اصطناعي يمكنها تحديد الجمل التي ترتبط بجمل أخرى داخل النص، والتي بها وصف يمكن أن تكون له علاقة بأحداث في القصة الواردة في المقالة أو الخبر، وهذه الطريقة وكغيرها، وعلى الرغم من تقديمها لنتائج ليست بالسيئة، إلا أنها أثبتت أن البشر ما زالوا متفوقين على الآلة بشكل كبير.