في الوقت الذي شهدت فيه مهنة الكدادة بعض التراجعات على مستوى ممارستها لجهة عدد العاملين فيها مع كثرة التنظيمات وعمل القطارات وغيرها من وسائل النقل العامة وتطبيقات التوصيل، شهدت تلك السوق وعلى الأخص فيما يتعلق بالنقل بين جدة ومكة المكرمة والمدينة المنورة تسابقا وتنافسا ضاريين بين كدادة من المواطنين وعلى الأخص الشباب والطلاب منهم، وبين سائقين أجانب مخالفين يلجؤون إلى مختلف صنوف الحيل للظفر بالمسافرين والتلاعب بالأسعار وخفضها مستغلين قلة احتياجاتهم المادية مقارنة باحتياج المواطن.

وعرفت مهنة الكدادة، بأنها مهنة توصيل الناس من مكان إلى مكان بالسيارة الخاصة للكداد، وهي مهنة اشتقت مسماها من الكدادة أو التعب باعتبارها من المهن المتعبة التي تتطلب صبرا وجلدا كبيرين.

ويتلاعب الكدادة الأجانب بالأسعار، ويتفقون فيما بينهم عبر استخدام قروبات الواتس آب وغيرها على تلك الأسعار مما يقلص فرصة المواطنين في منافستهم، ويعملون بالنقل وتحميل الركاب بين المدن، مما أضر بالمواطنين الذين يعملون بهذه المهنة، وكذلك بالشركات النظامية العاملة في مجال نقل الركاب، وهي شركات تترتب عليها مصاريف كثيرة من الرسوم لمرتبات الموظفين والمقرات وغيرها.

وتشهد مواقع محددة تزاحما لانطلاق سيارات الكدادة مثل حي جرول في مكة المكرمة، حيث ينطلق منه عدد من الرحلات إلى عدد من المناطق والمدن السعودية وعلى الأخص جدة والمدينة المنورة.

ويمارس عدد من السائقين الأجانب مخالفات واضحة لأنظمة المرور، بممارسة هذه المهنة التي تحكمها ضوابط لا يلقون إليها بالا.

ويوضح السائق رشيد حامد لـ"الوطن" أن كثيرا من الكدادة الأجانب الذين يستخدمون سياراتهم الخاص في نقل وتحميل الركاب، يحرصون على استغلال لغاتهم الأصلية على الأخص حين يلتقون بركاب من أبناء جنسياتهم، ويتحدثون معهم بلغتهم، ويتفاهمون معهم على أن يدعي هؤلاء الركاب أن هذا السائق الأجنبي من أقاربهم وأنه قدم لاستقبالهم وإيصالهم.

وأضاف "يحرص الكدادة الأجانب على عرض أسعار متدنية مقابل نقل الركاب، وهو ما يغري الزبائن بالركوب معهم، كما أنهم يستخدمون حيلة القرابة مع الزبائن في خداع رجال الأمن، حيث يؤكدون لهم أن الركاب من أقاربهم، وأنهم قدموا فقط لاستقبالهم مستغلين عدم معرفة هؤلاء بلغة السائق والركاب، ومستغلين كذلك تعاطف الركاب مع ابن جلدتهم.

يشير حمدي سالم إلى أن مخالفات الأجانب لا تقتصر فقط على الكدادة، بل يمتهن بعضهم التوصيل كذلك عبر تطبيقات الأجهزة الذكية بعد تسجيلهم فيها بأسماء سعوديين، موضحا أن هذا لا يعدو أن يكون من قبيل التستر غير النظامي المخالف للتوجيهات والقرارات الصادرة عن الجهات المعنية.

وأبدى سالم تخوفه من تطور تلك المخالفات وعدم تنظيم سوق الكدادة ومراقبته بشكل دقيق ليصل الأمر إلى مخالفات أشد جسامة، مطالبا بتدخل الجهات ذات العلاقة لتنظيم وضبط هذا السوق.

كما ناشد الأجهزة المرورية بتطبيق أحكام وأنظمة المرور تجاه المخالفين، خاصة في ظل تعدد تصرفاتهم المبنية على تجاهل النظام وإشاعة الفوضى.

أوضح صالح السليمان أن الكدادة الأجانب سيطروا على سوق الكدادة، مبينا أن كثيرا منهم يعملون بسيارات حديثة مستأجرة بالشهر، ويسددون أقساطها من عمل الكدادة بلا رقابة، على الأخص في مداخل المدن وما بينها، وينشطون على وجه التحديد ما بين مكة المكرمة وجدة والمدينة المنورة تحديدا، وهي المدن التي تشهد زيارة كثير من القادمين للعمرة والزيارة من مدن ودول أخرى ويحتاجون إلى من ينقلهم بينها.

وينشط الكدادة الأجانب في سوق الكدادة عبر استغلالهم وتكتلهم وتحديدهم لأسعار المشاوير بشكل يصعب على المواطن مجاراتهم، وعلى الأخص في الأوقات الحرجة أو أوقات المواسم (مثل بعض ليالي رمضان) التي يتم فيها إيقاف الباصات من المواقف إلى الحرم المكي، مثل ليلة السابع والعشرين وليلة ختم القرآن، وهنا يرفعون الأسعار بشكل كبير، حيث تصل أجرة نقل الراكب من موقف كدي إلى أقرب نقطة ممكنة للحرم مقابل 50 ريالا، وكذلك الأمر في خط العودة.

ويستغل هؤلاء قروبات الواتس آب وغيرها في إرشاد بعضهم إلى الطرق المتاحة وتلك المغلقة أمام ممارسة الكدادة، كما يحددون الشوارع والنقاط التي تتواجد فيها دوريات المرور لتجنب المرور منها إن كان ذلك ممكنا.

ويعمل هؤلاء الكدادة في مواقع محددة ومنها مواقف جرول في مكة المكرمة، ودوار الملك فهد في المدينة المنورة، ويجني بعضهم مبالغ جيدة جدا قد تتجاوز الـ10 آلاف ريال شهريا، يسددون جزءا منها أقساطا للسيارات التي يعملون عليها، ويعتمدون على ما تبقى كدخل شهري جيد.