من الحكايات الطريفة، قصة لأحد الأطفال في الصف الثاني الابتدائي.. قام برمي بقايا الأكل على الأرض، وحينما أبلغ عنه أحد زملائه قال للمعلم: "أصلا أنا متأكد، ما أحد شافني يوم أرمي الأكل"! هذا الطفل قلبه سليم ونفسه مطمئنة، ولديه حزمة جيدة من الفضائل والأخلاق.. يميّز الفضائل عن الرذائل.. يعرف الفرق بين الأخلاق الحسنة والأخلاق السيئة ـ "البر حسن الخلق والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس" لكنه لا يعرف ترجمة هذه القيم والمعاني على أرض الواقع!

أسوق هذه الطرفة الحقيقية، مع سعادتي باندثار أبرز الظواهر السلبية التي كانت تنتشر في شوارعنا.. وهي رمي المخلفات من نافذة السيارة. اليوم لا يمكن لك أن تشاهد قائد سيارة يرمي "علبة بيبسي" من نافذة سيارته في شارع العليا العام.. أو "ورقة مناديل" في شارع صاري بجدة.. لم يكن السبب ـ وهذا الأجمل ـ قانونا التزم الناس به وخافوا سطوته وعقوبته، أو كاميرات مراقبة ترصد المخالفات؛ بل ثقافة وآدابا عامة تشكلت ذاتيا في نفوس الناس، على مدى سنوات، ولذلك شتان ما بين شوارعنا اليوم وحالتها قبل عشرين سنة.. راقب الشارع الذي تسير فيه، وراقب المركبات التي تعبره.. لن تشاهد أيا من تلك السلوكيات بفضل الله.. وإن رأيت حالة عابرة فثق أنها خارجة عن المألوف وتعد في حكم النادر، والنادر لا يُقاس عليه!

احترام الآداب العامة من حُسن الخلق.. وسلوك الإنسان في الشارع ترجمة فعلية لتصوراته.. استخرجوا ما في باطن أطفالكم من فضائل وساعدوهم على التعبير عنها وترجمتها عمليا على الأرض.. انعكاس ذلك أولا سيكون على شخصياتهم، قبل أن ينعكس على المجتمع.