كثيرا ما تؤرقني عمليات التجميل، وأراها من منظور أخلاقي وفلسفي أيضا.

هل يحق للمريض -إذا اعتبرناه مريضا- أن يطلب «التعديل» في شكله كما يريد، من هو المتحكم في هذه العملية، هل هو المريض نفسه أو الدكتور؟

عندما يطلب المريض شيئا مبالغا فيه، ويعلم الدكتور سلفا أن النتيجة لن تكون مرضية، هل سيتم تنفيذ العملية؟

أحيانا في حالات عديدة يكون الوقت ضيقا، ولابد من اتخاذ قرار فوري وعاجل، لكن مع أصحاب عمليات التجميل فإنهم يملكون رفاهية الوقت، والتخطيط المسبق، وكذلك الاستشارات والمقارنات، ولذلك يكون القرار مخططا له وليس عشوائيا من قبل المريض.

ملكة جمال لبنان ساندرا رزق بعد 22 عاما على انتخابها.. تحويل جذري إثر عمليات التجميل

سؤالي: هل تقدم الجراحة التجميلية الفوائد التي تدعيها؟

إذا كانت الإجابة نعم فلماذا تكرار العمليات التجميلية، هل لتصحيح العمليات الفاشلة أو السعي لتحقيق المزيد من إخفاء «العيوب»؟

دائما ترتبط هذه العمليات بمصطلحات مثل:«طموح، وثقة، وحب للذات أكثر».

فسيدة تقول بعد أن كبّرت ثدييها، إنها أصبحت طموحة، ولديها ثقة عالية بنفسها، مع أن كثيرا من النساء يقلن إن العمليات التي يقمن بها، هي لأنفسهن في المقام الأول، وليست لإغراء الطرف الآخر، إنما المسألة ذاتية بحتة.

وإني أتعجب من هذا الكلام حقيقة، لأن معناه أنه لو لم توجد هذه العمليات فلن تكون هناك ثقة، ولن يكون هناك طموح، ثم إن هذه العمليات هي تغيير الديكور الخارجي فقط، وهذا معناه أن الإنسان صاحب عملية التجميل يفر من ذاته، وكيف يستطيع الإنسان أن يرى نفسه في المرآة بعد أن غيّر شكله، ويكون راضيا عنه، هذا شيء عجاب.

العملية التجميلية تغيّر علاقة الفرد بالمجتمع الخارجي، وليست ذاتية بحتة.

قال أحد المختصين: الهدف من الجراحة التجميلية هو تغيير ما يعتقده الشخص بأنه تشوه يفسد مظهره الخارجي.

المشكلة من الذي يحدد معيار: «فساد المظهر الخارجي»؟

أعتقد أن الإجابة عند ديفيد هيوم، حيث قال: إن الرغبة وليس العقل هي التي تحكم السلوك البشري.

فرغبة الإنسان أن يكون جميلا بمعايير العصر الحالي، تجعله يعتقد أن لديه «تشوها يفسد مظهره الخارجي».

أنا أخاف جدا ممن يعملون هذه العمليات غير الضرورية، لأن الشخص الذي يرضى على نفسه مثل هذه العمليات، أعتقد - غير جازم - أنه سيرضى عنك بأكبر مما رضى به عن ذاته.

يزعمون أنهم يستعيدون ذواتهم بعد العملية، ولكن في الحقيقة هم يهدرونها..

الجميل في الأمر أن حتى التأمين الطبي في الغالب، لا يشمل عمليات التجميل لأنه يراها «غير ضرورية».

المشكلة في عمليات الجراحة لأسباب جمالية، أن نتائجها لا تكاد تتحقق إلا بها.

الذي يكثر من عمليات التجميل عليه أن يذهب إلى طبيب نفسي، وليس لجراح تجميلي، لأن المشكلة في روحه، وليست في شكله.