حينما استقام ذلك المبنى، واستوى عوده، فأعجب الزراع، وأنار بضوئه من الساحل الشرقي، حتى بلغ ضياه الآفاق، فكان كما أريد له، مركزًا عالميًا متجددًا نابعًا بالثقافة والعلم والمعرفة، من منطقةٍ كانت ولا زالت منبعًا لجمال الحروف، وعذوبة الكلمة، وسلاسة الأفكار، فكانت -ولا زالت- ولادةً للمبدعين، ومصدرةً للإبداع.

بعد أيامٍ قلائل، ينطلق من منارة إثراء، شعاع مبادرة «الشرقية تبدع» في موسمها الثالث، حيث يسطر أبناء المنطقة ومبدعوها بأناملهم صفحات من الإبداع في مجالاتٍ عدة، يطلقون العنان لإبداعاتهم وطاقاتهم المتجددة في مختلف المجالات الإبداعية والفنية، عبر الصورة والنص واللوحة، يصنعون مزيجًا خلاقًا فريدًا لا تجده إلا في المنطقة الشرقية.

هذا الحدث الإبداعي المتجدد يحظى برعايةٍ كريمة من أمير المنطقة الشرقية الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز، و نائبه الأمير أحمد بن فهد بن سلمان بن عبدالعزيز -يحفظهما الله-، وهو نهج اعتاده أبناء المنطقة من الأمير ونائبه في رعاية الأحداث الثقافية والمناشط التي تبرز الحراك المتجدد الذي تشهده المنطقة في مختلف النواحي، وليست الرعاية الأولى التي تشهد إقبالاً متزايدًا من مختلف الجهات للمشاركة فيه، فهناك أكثر من 250 منشأة من مختلف القطاعات، وأكثر من 300 مشاركة في 10 مجالات إبداعية، يكاد يكون لأبناء المنطقة قصب السبق في كثيرٍ منها.

ولأن «الابتداع» في الإبداع أمرٌ محمود، تشكر عليه «منارة إثراء» والقائمين عليها بأن خصصوا 14 يومًا لوضع الإنتاج الإبداعي في إطارٍ حيوي وجذاب، فلابد من التأكيد على أن هذه البدعة الحميدة، تفتح آفاقًا متعددة وجديدة لمختلف أطياف المجتمع، وتسهم في عكس صورة خلابة عن المنطقة، لذا فالتحدي الأكبر أن يستمر الإبداع لـ351 المتبقية من العام، بأن تتحول هذه الإبداعات إلى أعمال مستدامة، سواءً من خلال كيانات قائمة، أو عبر تبني مبادرات متنوعة، وأن تنتقل هذه البدعة عبر محافظات المنطقة ومدنها، ليرسخ الإبداع، ويكون قيمةً أصيلة راسخة، وعلامة وطنية مسجلة باسم «المنطقة الشرقية» على المستوى الوطني، وينتقل ليكون الإبداع سعودي الأصل والمنشأ على المستوى العالمي، وهذا الحلم ليس مستحيلاً ولا صعب المنال، بل هو قريب وفي متناول اليد في ظل الدعم السخي من قيادتنا الرشيدة -أعزها الله-، والحراك المتسارع في مختلف الميادين.

كل الشكر للقائمين على منارة إثراء الذين يبهروننا في كل مرة بتجددهم، وتفردهم، وصادق الأمنيات لهم بـ14 يومًا من الإبداع الذي لا مثيل له.