يرتبط النمو الاقتصادي الذي نحصده في نمو إنتاجنا المحلي الإجمالي، بالتنمية الوطنية التي تزامنت مع انطلاق رؤية 2030، في تحقيق قفزات نوعية لمسيرة التنمية الوطنية، والتي شملت بمنجزاتها مختلف الأصعدة التنموية والمجالات الحية، التي تُسهم في ترجمة مضمون الرؤية وأهدافها، إلى برامج ملموسة ومبادرات متنوعة، قدمت قيمة مضافة لمشروعنا التنموي، والذي تضمن تنمية وتطوير جميع مواردنا البشرية والمادية والطبيعية، لاستثمارها في الصالح الوطني.

تغيير مسار التنمية وتطويره، تطلب تحديث وتطوير البنية التحتية للمؤسسات الحكومية، بما يتبعها من سياسات وتشريعات وأنظمة، وإجراءات تنفيذية وقوانين تخدم المرحلة التي نعيشها، لتمهد المسار وتذلل العقوبات، وتدعم السياسات التطويرية التي تنتهجها القطاعات المستهدفة، لتحقيق مستهدفات الرؤية سواء العامة منها، وبما تستند عليه الرؤية من محاور رئيسة، أو الخاصة التي تتعلق بتحقيق متطلبات كل قطاع، وفق أهدافه المحددة وتطلعات الرؤية منه.

تُصنف مكونات الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، حسب الأنشطة الاقتصادية الرئيسة، وفق ثلاثة منتجات رئيسة، تحوي ضمنها مجموعة من المغذيات أو الروافد، التي تشكل إجمالي إنتاجها، وهي:

1-الأنشطة النفطية: وتشمل أنشطة الزيت الخام والغاز الطبيعي وأنشطة التكرير، وقد حققت نسبة نمو سنوي بمعدل 14.5% في الربع الثالث من العام 2022، مقارنة بذات الفترة من العام 2021.

2-الأنشطة غير النفطية: وتشمل كافة الأنشطة الاقتصادية الأخرى، باستثناء أنشطة الخدمات الحكومية، والنفطية، وقد حققت معدل نمو يصل إلى 5.6% في الربع الثالث من العام 2022 مقارنة بالعام السابق.

3-أنشطة الخدمات الحكومية: وتشمل أنشطة جميع الجهات الحكومية، المسؤولة عن تقديم الخدمات الحكومية للسكان، وقد حققت معدل نمو 2.4% في هذا العام، مقارنة بالعام السابق من نفس الفترة.

جميع تلك الأنشطة ساهمت في تحقيق نمو اقتصادي واضح، في مستوى إنتاجنا المحلي الإجمالي بنسبة 8.6% لهذا العام مقارنة بالعام الماضي، والذي بلغ 7.0 لنفس الفترة، وذلك بعد الانخفاض الذي لحق كافة القطاعات الاقتصادية، في جميع أنحاء العالم ومن ضمنها السعودية، والذي بلغ أشده في العام 2020، حيث سجل -4.5، وذلك كنتيجة للركود الاقتصادي العالمي بسبب جائحة كورونا، ولتوجيه السياسات والإنفاق نحو محاربة الجائحة، والحد من آثارها الاجتماعية والاقتصادية.

ينعكس النمو الاقتصادي على جميع المقدرات الوطنية، والمؤسسات الحكومية في جميع المسارات التنموية، باعتبار أن نمو الاقتصاد الإيجابي يعني تحسنا في حجم الواردات، ومزيدا من الدعم لميزانية الدولة، التي تشكل الممول الرئيس لجميع الأنشطة والميزانيات الموجهة للتنمية، وبه ينتعش القطاع الخاص، الذي يستند في كثير من مشروعاته على انتعاش السوق المحلي، وحجم الاستهلاك لمنتجاته سواء على النطاق الاجتماعي وحاجة السكان، أو على مستوى المشتريات الحكومية، بالإضافة إلى الزيادة المطردة في أعداد السائحين والزائرين والمعتمرين والحجاج، الذين يستفيدون من جميع الخدمات القائمة، والمشروعات التجارية المختلفة في جميع المناطق.

جميع المشروعات التنموية وزيادة النمو في الحركة الاقتصادية، تعني مزيدا من المشروعات المضافة للسوق، علاوة على التوسع في المنشآت القائمة لتلبية حاجة السوق، وذلك جميعه يصب في زيادة الفرص الوظيفية المتاحة في سوق العمل، ومجال لاحتواء المتعطلين والباحثين عن عمل، وعليه فقد ارتفع عدد المشتغلين في السوق الوطني إلى نحو 14.169.763 مليون مشتغل في الربع الثاني من العام 2022، وذلك مقارنة بـ 12.899.888 مليون مشتغل، لنفس الفترة من العام 2021، أي بزيادة تصل لنحو 1.269.875 مليون مشتغل، يمثل منها المواطنون 358.130 ألف مشتغل فقط، في حين يمثل غير المواطنين العدد المتبقي وهو 911.745 ألف مشتغل.

ارتفاع نسبة التوظيف للمواطنين ينعكس إيجاباً على تنمية اجتماعية واقتصادية، وبه يتحقق الاستقرار الأسري ونحصد جودة حياة مستدامة للمواطنين، وذلك جميعه من مستهدفات رؤية 2030، التي وُجهت برامجها ومشروعاتها نحو الارتقاء بمقدراتنا الوطنية، والتي تمثل فيها الموارد البشرية الأساس المتين، الذي تقوم عليه التنمية في جميع برامجها، ولذلك يُعد برنامج تنمية القدرات البشرية، من أحد أهم برامج تحقيق التحول الوطني، لبلورة مستهدفات الرؤية في منجزات وطنية، يسهم فيها المواطن بنسبة كبيرة من مواردها البشرية،سواء على مستوى القيادات أو على مستوى الكادر المهني والوظيفي، بجميع مراتبه ودرجاته المتاحة، وعليه فإن ضبط التوظيف وتوجيهه لصالح المواطنين، يحتاج لمزيد من الدعم والمتابعة الشفافة لواقعه الفعلي.