يقول المستشار النفسي، الدكتور محمد القحطاني، في تغريدته (مراجع يشتكي من قلة النوم، أطول نومة له نص ساعة ولا نفع معه شيء، بديت معه منذ الطفولة حتى تكلم عن أمه المتوفية من سنة، انهار من البكاء مثل الطفل، رجع للبيت ونام 6 ساعات، كانت مشاعره مختفية في اللاشعور وحرمته من النوم)، وانتهى.

أهمية محتوى التغريدة يشرحه التفاعل معها، كانت الردود تقارب الـ400 رد، وملخصها أن الأغلبية لا تفرق بين ما هو الطبيب النفسي سواء كان أخصائيًا أو استشاريًا، وبين الأخصائي أو المستشار النفسي غير الطبيب، إن عرفنا الفرق بينهما سنعرف الفرق بين العلاج النفسي الدوائي والعلاج السلوكي المعرفي، فالأول علاج بالتدخل الدوائي بما فيه من حقن وسوائل وأقراص وجراحة، بينما الأخير (العلاج السلوكي) هو ما يوصف بـ(العلاج بالكلام).

وهنا أعتقد أن وزارة الصحة بما يمثلها من مراكز للصحة النفسية تحتاج هي أولا للعلاج بالأفعال، وليس بالكلام، فرغم تقدم وزارة الصحة والقفزات الهائلة التي تمر بها قطاعاتها كافة، إلا أن تحسن جودة مخرجات مراكز الصحة النفسية يسير بسرعة السلحفاة، فإن كان من يقرأ هذا المقال لديه ربع ساعة من وقته «فاضي»؛ فليذهب إلى أقرب طوارئ لمراكز الصحة النفسية وسيقابله طبيب، وخلال دقائق سيكتب له دواء ويبدأ في رحلة التدخل الدوائي والتي بالعادة يبدأ مفعولها بعد أسبوعين أو ثلاثة، وتحتاج إلى متابعة دقيقة خلال هذه المدة، والمفترض أن تكون هي الملجأ الأخير لإكمال العلاج السلوكي، بينما يستفتح بها لنقص أخصائي ومستشاري العلاج السلوكي في مراكز الطوارئ، بينما العاطلون والعاطلات والذين يحملون بكالوريوس وأعلى في تخصص علم النفس مع تصنيف من هيئة التخصصات الصحية فهم «بالكوم».

بل إن هناك أخصائية نفسية متمكنة وتعمل في إحدى المستشفيات منذ ما يقارب 7 أعوام، ومع ذلك لا زالت تعمل بعقد مع الشركة المشغلة، ولم يتجاوز دخلها الـ5 آلاف ريال فقط، بل أتذكر أنه كان في استقبال إحدى تلك المراكز ممرض سعودي، سأل المريض عن سبب حضوره لطوارئ المستشفى، فأجابه المريض «لدي شعور شبه يومي برغبتي بالانتحار»، وبدلا من أن يأخذ الممرض علاماته الحيوية فقط، قال له «وليه تبغى تنتحر، تبغى تروح للنار يعني»، فلم أتعجب حينها من أن أحد المراجعين لتلك الطوارئ انتحر بعد خروجه منها بساعتين أو أقل، فهذا هو دور الأخصائي النفسي غير الطبيب، أن يكون في استقبال تلك الحالة، وبالتأكيد لن يقول له كما قال الممرض.

ما أريد قوله إن تلك التغريدة والردود عليها وغيرها الآلاف من التغريدات، تدق ناقوس الخطر لتعزيز الصحة النفسية.