في ظل انتشار النزاع المسلح بين الدول، والعنصرية بين الأفراد إما لعرق أو جنس أو دين، دعت اليونسكو إلى تخصيص يوم عالمي للتسامح وهو يوم السادس عشر من نوفمبر في كل عام، لتذكير الأشخاص والدول بهذه الصفة العظيمة التي نادرًا ما نراها في زماننا هذا الذي سيطر فيه القوي على الضعيف، وناصب الإنسان العداء لكل من يخالفه الرأي أو اللون.

فلنقف وقفة تأمل ومراجعة لمدى تسامحنا مع من حولنا لتصفو حياتنا.

وحثت الأديان قاطبةً على التسامح ورغبت فيه، لأنه صفة الأنبياء والمرسلين. ونبذت كل أشكال العنف والتطرف والتمييز بين البشرية جمعاء.

والتسامح أكثر ما يميز الدين الإسلامي دين السلام والمحبة، فنرى تسامحه مع الأقليات الدينية الأخرى، وضمن لها حقوقها داخل المجتمع الإسلامي. ونهى عن إجبارهم على الدخول في الإسلام وأعطاهم حرية ممارسة شعائرهم داخل منازلهم.

وإنما تكون الدعوة للإسلام باللين والحكمة والموعظة الحسنة وعدم الغلظة والقسوة مع الآخرين.

وكما نعرف جميعًا أن أخلاق التجار المسلمين كانت سببا رئيسيا في الدخول إلى الإسلام.

وعند النظر إلى سيرة حبيبنا وقدوتنا محمد صلى الله عليه وسلم نجد من القصص ما يعجز القلم عن كتابته في تسامحه صلى الله عليه وسلم مع المسلمين واليهود ومشركي مكة.

فكلنا يعلم زيارته لجاره اليهودي في مرضه، وعفوه عن أهل الطائف عندما جاءه ملك الجبال يسأله أن يطبق عليهم الأخشبين - جبلين ـ لكنه صلى الله عليه وسلم رفض رحمةً بهم لعل الله يخرج من أصلابهم من يعبد الله.

والمتسامح إنسان متواضع يراعي مشاعر الآخرين ويلتمس العذر لهم وإن أخطأوا عليه، ولا يتصيد عثراتهم وزلاتهم انتقامًا منهم، بل يرغب في الحصول على ما عند الله من الثواب والأجر العظيم.

وفي الختام نقول إن التسامح صفة النقاء والصفاء تجعل صاحبها ينعم بسلام داخلي يشعره بحلاوة الدنيا وعدم الكدر والغضب لأتفه الأسباب.

فلنتسامح لنعيش على المعمورة إخوة بإنسانيتنا.