مساحة زمنية مرتبطة بآجال مكتوبة.. تلك هي أيامنا التي نعيشها، ترصد اختيارنا بين طريقين، إما إيمان وعلم وقيم وبناء حضاري، أو طريق إرجاف وتطرف وضياع.

وارتبطت الأيام في ذاكرة تاريخنا الوطني المجيد، وما زالت بمناسبات مبهجة صنعها الأجداد والآباء والأبناء، بداية من التأسيس والتوحيد وكل المواقف المشرفة، وصولاً إلى رؤية طموحة ومستقبل واعد -بحول الله.

في عقود مضت حاول إرجاف التطرف تعكير صفو اللحظات، وطمس عناوين البسمات، وتجريد الأيام من إخضرارها بعد أن ألبسوها ثيابًا ليست لها كادت تطفئ أنوار السكينة في النفوس وتنشر الفوضى والشائعات والخُرافات والعودة إلى الوراء، لكن الله لطف بالعباد والبلاد.

علينا اليوم الحذر من «المرجفين في الأرض»، الذين يتقلبون ليلهم ونهارهم على شاشات ومنصات الإفك والفساد يغيرون قناعاتهم وفق مصالحهم.

يقول المفكر والكاتب المصري حنفي المحلاوي في كتابه «أيام الله»: «إن حياتنا داخل دورة الأيام التي خلقها الله بالمفهوم الإنساني أو بالمفهوم الذي يناسب قدراتنا العقلية لابد أن تقوم على عنصرين أساسيين: هما العمل والتفكير؛ ولذلك فإن حياة الإنسان وفق هذا التصور ما هي إلا مجموعة من المواقيت الزمنية، وإن اختلفت مسمياتها، وهو مطالب أن يشارك مشاركة فعالة وفاعلة في تعمير الأرض وإطلاق عقله في مجال التفكير فيما حوله من مخلوقات سخرها الله».

إن العقول السليمة تعتبر الأيام نعمة كبرى من الله -عز وجل- وليست أبواقًا ينفخ فيها أهل الزيغ تخرصاتهم وحقدهم على كل إنسان يختلف معهم في الرأي، ويتفوق عليهم بمنطق القول وجودة العمل وحب الحياة.. لا أعاد الله أوقاتًا مضت، كانت أيامها تشكو لخالقها، بسب فكر مؤدلج روج له ممن تصدروا بغير حق المجالس والمنابر بقصصهم الملغمة المبهمة.. «حدثني من أثق فيه، حكى لي رجل من الصالحين، يقول أحد العارفين».

نعم لا أعاد الله ذلك التوحش، حين وضعوا حماة الوطن ورواد الإعلام والثقافة والفكر والأدب والفنون وصناع التنمية في مرمى استهزائهم، والتشكيك في عقيدتهم ووطنيتهم.

ومع ذلك شهدت تلك الأيام صبرًا وحكمة وذكاءً في المعالجة، وحزم الإجراءات لمكافحة غيهم ومكرهم.. نحمد الله على أيامنا المعاصرة، فهي زاهية طبيعية تشرق شموسها وتغرب بأمر ربها على آلاف المآذن

ترفع صوت الحق، والمساجد عامرة بالمصلين، ومدارس وجامعات ومعاهد للعلم والتعليم، ومدن زاهرة، وقرى وادعة، ومصانع ومعامل للإبداع، ومعاقل للقوة والهيبة والحماية، وملايين المسلمين يفدون إلى أشرف البقاع مكة والمدينة في أجواء مطمئنة.

أيامنا الرغيدة الآن تعني التميز والعطاء المستمر لأجيال تنهل من ينابيع رؤية تسابق الزمن، وكلمة بلادي واحدة صادقة إذا قالتها أصبح الدهر منشدًا، -فالحمد لله- أولاً وآخرًا.