ربما الجميع يعرف المثل الشهير «لا تضع كل البيض في سلة واحدة»، والمعنى البسيط للمثل، أي لا تضع كل قوتك أو مدخراتك أو استثماراتك أو إستراتيجياتك في مكان واحد أو لجهة واحدة فإذا حدث أي مكروه أو خطر، فلن تخسر كل شيء دفعة واحدة وهو نوع من الاحتياط تحسبا للمخاطر.

المملكة العربية السعودية تمد يدها للجميع شرقا وغربا وتتوسع وتوسع مصالحها مع الجميع حول العالم، وتجعل خياراتها مفتوحة، وتريد أن تنشئ بل أنشأت شراكات مع مختلف دول العالم، بما يخدم جميع الأطراف، أي يلبي مصالح كل الشركاء!

وزيارة الرئيس الصيني للمملكة تتسق مع هذا النهج، فالصين دولة عظمى وأكبر شريك تجاري للمملكة بل لأغلب دول المنطقة، والمهم أنها شريك غير متقلب ويحافظ على وعوده وليس متغيرا يقفز من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار مع تغيير كل إدارة.

والصين لديها الرغبة لتعميق الشراكات الإستراتيجية بينها وبين المملكة والخليج، وهي أكبر مستورد للطاقة من دول الخليج، بل إن آسيا عموما هي المكان الذي تذهب إليه النسبة الأكبر من صادرات البترول الخليجية. والجدير بالذكر أن الصين لا تحبذ أن تتدخل بالشؤون الداخلية للدول، ولا تحاول فرض أجندتها وثقافتها على أحد، ولا تحاول ابتزاز الدول العربية بحكايات حقوق إنسان أو حيوان أو التغير البيئي وغيره.

الشراكة مع الصين لا تعني أنها ستكون على حساب الشراكة مع بقية دول العالم، خصوصا الغربي منها وأمريكا، فهي ليست معادلة صفرية، بل كل دولة لها علاقاتها الخاصة ومجالاتها للتعاون مع المملكة ودول الخليج.

إن بعض الغربيين الذين يريدون شريكا حسب الطلب وحسب رغباتهم، لا يعيشون في العالم الواقعي، لقد انتهت الأحادية من العالم، وهذه طلبات غير واقعية. إذا كانت لديك عدة سلال وكل يرغب بالتعاون معك، وإعطاء سلته لمشاركة البيض، فلماذا تضع البيض كله في سلة واحدة لحليف واحد متقلب قد يبتزك أو يكسر البيض في أي وقت! أو كما يقول المثل الشهير الآخر»يرميه تحت الباص«!

قد يدندن البعض على نغمة حليف تاريخي وعلاقات طويلة الخ... لا مانع من الحفاظ على الحليف التاريخي، لكن هذا لا يعني أن يتجمد الخليجيون في مكانهم، ولا ينشئوا حلفاء آخرين، بل إن أهم قاعدة في السياسة هي »التكيف مع الزمن والظروف«، ودائما البحث عن المصالح المشتركة، هل الغرب سيتخلى عن حلفائه التاريخيين إذا ذهبت المصالح؟ طبعا سيفعلون، بل هم معروفون بسرعة التخلي عن الحلفاء عندما تزول المصالح. لذلك يجب ألا (تتشره) الدول الغربية على الخليجيين عندما يبحثون عن مصالحهم!

ولا ننسى أن الدول الغربية في الفترة السابقة خانت ثقة حلفائها في المنطقة، مثل أحداث الخريف العربي، وأيضا الملف النووي الإيراني والتعامل مع نظام الملالي وميليشياته.

هذا لا يعني التخلي كليا عن أمريكا والغرب، ولكن التوازن في العلاقات أصبح مطلوبا، وحتى الصين الحليف الصاعد الجديد، التوازن معه مطلوب، ويجب أن يكون كل شيء واضحا وصريحا ومكتوبا تفصيليا واستراتيجيا، حتى لا تحدث اختلافات مستقبلا، وكما يقولون في المثل »اللي أوله شرط آخره نور».

مرحبا بالصين كحليف إستراتيجي مهم في المنطقة، بما يخدم جميع الأطراف ومرحبا ببقية الحلفاء إذا كانوا واقعيين ويبحثون عن المصالح المشتركة.