يسافر كثير من الناس للخارج، ليس لغرض التسوق أو العمل أو الترفيه، ولكن لأمر أعمق وأهم ألا وهو العلاج بشقيه، وهو ما يسمى بالسياحة الطبية أو الاستشفائية، وهما نوعان، الأول المقصود منه العلاج من الأمراض أو إصلاح الأخطاء الطبية أو غيرها، أما الاستشفائية فهي سياحة للأصحاء من أجل تحسين حالتهم النفسية والجسدية، مثل زيارة مصحات تخفيف الوزن أو البحيرات الملحية مثل البحر الميت أو الكبريتية أو الرمال الساخنة.

وتشير الإحصائيات إلى أن عدد المسافرين للسياحة العلاجية يصل إلى نحو 24 مليون شخص خلال السنة، ينفقون نحو 150 مليار دولار (متوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى 270 مليار دولار في 2030).

تختلف أسباب السفر للعلاج للخارج، فقد تكون من أجل الحصول على علاج أفضل وبجودة أعلى، أو البحث عن أسعار أرخص وأقل، أو عدم توفر العلاج في بلد المريض، أو سرعة العلاج بدل الانتظار في صفوف طويلة أو بسبب توصية وترشيح أحد المقربين، وغيرها من الأسباب.


هناك دول معينة معروف أنها مقصد للسياحة العلاجية، مثل التشيك التي اشتهرت بأنها مصممة لكبار السن والمتقاعدين، وتركيا لزراعة الشعر، حيث يزورها نحو 30 ألف شخص سنويًا لزراعة الشعر، وأكثر من 700 ألف شخص لأسباب علاجية مختلفة، الولايات المتحدة التي تعد أهم وأكثر دول العالم تقدمًا، ويزورها ما يناهز مليون شخص سنويًا للعلاج، كذلك تايلند التي تقدم خدمات طبية جيدة وخدمات راقية وسريعة وأسعار أرخص من مثيلاتها في أوروبا وأمريكا بـ50- 70%، وأيضاً ماليزيا التي اشتهرت بطب متقدم وخدمات جيدة وأسعار أرخص من جارتها سنغافورا، والبرازيل التي يزورها ما يقارب 180 ألف شخص سنويًا، أغلبهم لأجل العمليات التجميلية، وختامًا الهند والتي يزورها ما يقارب 480 ألف شخص سنويًا، أغلبهم من أجل زراعة الأعضاء أو لعلاج أمراض العظام.

والسياحة العلاجية لا تستلزم أن يكون سفر الإنسان من بلد نامي إلى بلد متقدم بل قد يكون العكس، إما لأسباب السعر أو السرعة أو نوع العلاج غير المتوفر في بلد المتقدم، مثل عمليات التجميل في بلدان نامية أو مصحات التخلص من السموم وإنقاص الوزن، المياه الكبريتية والرمال الحارة.

من مشاكل السياحة العلاجية أنه قد تستعمل أدوية مغشوشة، كذلك فترة النقاهة أين يقضيها المريض؟، بالإضافة إلى لو حدث أمر طارئ والمريض عائد لوطنه كيف يمكن التواصل مع المستشفى والحضور له؟.

من أجل هذا أو غيره أتمنى أن يكون هناك اهتمام أكثر وتركيز على السياحة العلاجية في السعودية، حيث إن الرؤية تستهدف الوصول إلى 100 مليون زائر في 2030؛ لعل بعضًا منهم جاء بهدف العلاج، فالسعودية تحتل المرتبة 35 في مؤشر السياحة العلاجية من أصل 46 دولة، وهذا رقم متأخر قياسًا لقدراتنا وطموحنا، فلابد من دعم هذا القطاع وتشجيعه وجذب الخبرات العالمية للترويج وإدارة هذا القطاع السياحي، فالمملكة لديها مستشفيات متقدمة وأجهزة طبية حديثة وكفاءات من الأطباء.

إضافة إلى هذا، - المهم - لدينا العلاج الروحي في الحرمين الشريفين، والذي من الممكن إضافته إلى حزمة البرنامج العلاجي للمسلمين، مما يشكل عامل الجذب الأقوى لديهم.