الحماس حول برنامج إيران النووي المثير للجدل لا ينتهي أبدا. على مدى أكثر من 15 عاما استمرت هذه المحادثات دون الوصول إلى مرحلة بناءة. وقد أدت عبثية المفاوضات إلى خيبة أمل الإيرانيين العاديين في حياتهم اليومية. لم يروا في حياتهم أي أثر لهذه الكهرباء التي ينتجها هذا المفاعل النووي، وعليهم أن يعانوا من انقطاع التيار في الصيف الحار. المقاطعة هدمت الاقتصاد والبنية الأساسية وجميع الاستثمارات الداخلية. ما بقي هو ما هو سطحي وجيد مما زيفته الحكومة لتظهر للعالم أنه لم يتغير شيء في إيران بسبب العقوبات الصارمة. ريع النفط مكن الحكومة من ضخ السيولة النقدية إلى السوق للسيطرة على قيمة العملة المحلية وساعد على دفع رواتب الموظفين الحكوميين، ولكن في الداخل في الحقيقة فإن الدولة تغرق وتتجه إلى كارثة بسرعة كبيرة. الإيرانيون فقط هم الذين يستطيعون أن يشهدوا مدى صعوبة ما يواجهونه لإدارة شؤون حياتهم اليومية. التضخم تسبب بارتفاع البضائع 100% تقريبا مقارنة مع أسعار العام الماضي، فيما لم ترتفع رواتبهم وبقيت كما هي. ومع عدم وجود مستثمرين في قطاع النفط والغاز وانخفاض صادرات إيران بسبب العقوبات فإن الوضع سيزداد صعوبة عندما يجبر الإيرانيون على خفض إنتاجهم.

إيران قلقة من خسارة موقعها كثاني أكبر منتج للنفط في منظمة أوبك بعد السعودية. ويبدو أن إيران تتقدم بسرعة لتحتل هذا الموقع. العقوبات الإضافية التي سيفرضها الاتحاد الأوروبي تبدأ في يوليو وتستهدف صادرات النفط الإيرانية. الزبائن الرئيسيون مثل اليابان وكوريا الجنوبية خفضوا بالفعل ما يستوردونه من النفط الإيراني بنسبة حوالي 40% -60% مقارنة مع ما كانوا يستوردونه منها منذ عامين. ربما يرفض المشترون إلى فترة ما أن يضغطوا على الحكومة لخفض حجم الإنتاج. ولكن لا يزال هناك مجال لتخزين النفط في البحر وفي ناقلات النفط التي تملكها إيران، ولكن عندما لا يبقى هناك مكان سوف تجبر إيران على تقليص إنتاجها. تقليص إنتاج النفط سيسبب تعقيدات في الإنتاج، ولكي تعود لإنتاج المستوى السابق أو أكثر، يحتاج الأمر إلى جهود واستثمار، وهذا ليس سهلا.

السوق العالمية واقتصادات العالم تحتاج إلى النفط، وهذا يعني أنها ستتواصل مع الدول المنتجة ويستمر إنتاج النفط. في السنوات القليلة الماضية وصل سعر برميل النفط إلى مستويات قياسية، وساعد ذلك الاقتصاد الإيراني الضعيف وحافظ عليه من الانهيار في هذا الوقت الصعب. وبحسب البنك المركزي الإيراني، فإن الدخل من النفط في أول 11 شهرا من السنة الماضية وصل إلى 110 مليارات دولار، وكانوا يتوقعون أن يرتفع ذلك إلى 120 مليار دولار في نهاية هذا العام. يمكن القول عموما إن هذا البلد كان لديه دخل شهري حوالي 10 مليارات دولار في الشهر في العام الماضي. مع هذا الدخل المدهش لا يمكن للعقوبات أن تكون فعالة على الحكومة، لكنها أضرت بالحياة اليومية للمواطن. التقرير نفسه يظهر أن دخل الحكومة زاد وتزايدت الواردات أيضا.

منذ عام 2010، الذي كان حجم واردات إيران فيه 61 مليار دولار، تزايد الرقم ليصل إلى 73 مليار دولار لعام 2011. ربما بسبب العقوبات على النظام المصرفي الإيراني تجد معظم الدول صعوبة في دفع ثمن النفط الذي تشتريه من إيران وتقوم بدفع مستحقاتها بشكل بضائع مقابل النفط.

الأسواق المحلية مليئة بالبضائع الصينية. التفاح والبرتقال يأتيان أيضا من الصين، وهما أرخص من الفواكه المحلية، ولكن ليس لهما طعم أو رائحة، مثل حياة بعض الإيرانيين العاديين، لكن الحياة أكثر ألوانا لأولئك الذين يستطيعون الوصول إلى موارد الدولة أو الذين جمعوا ثروة بسبب ارتباطاتهم مع شخصيات قوية ذات نفوذ.

المفاوضات النووية تثير حماس الأوروبيين، لأن ارتفاع أسعار النفط يؤثر على اقتصاداتهم وليس بسبب قلقهم على صعوبة حياة الإيرانيين العاديين. كلما كانت هناك جولة جديدة من المفاوضات النووية بين إيران والقوى العالمية تنخفض أسعار الذهب والعملات الأجنبية في السوق السوداء، وهذا يجعل الناس يشعرون بسعادة، ومع فشل المحادثات بعد يومين تعود للارتفاع مرة أخرى، أحيانا أكثر مما كانت عليه من قبل. الإيرانيون تعودوا على هذا التذبذب، لكنهم لم يعتادوا على شفافية الحكومة مع شعبها. مهما قال النظام، حتى لو كان ما يقوله حقيقة واقعة، لم يعد أحد يصدق الحكومة. انقطاع الماء والكهرباء في الصيف الحار كل عام، وفي الشتاء ينقطع التيار ويصبح هناك شح في الغاز. مليارات الدولارات استثمرت في البرنامج النووي للطاقة وما يراه الناس هو أنها ليست مفيدة حاليا على الأقل.

بعد فترة قريبة، ستتجه دول مجموعة 5+1 إلى روسيا من أجل جولة جديدة من المباحثات النووية. هل ستنجح هذه الدول في إقناع إيران هذه المرة بالتوقف عن نشاطها لفترة حتى يتمكن العالم من الاقتناع بأن البرنامج ذو أهداف سلمية؟ إذا استمعنا إلى الهمسات القادمة من داخل إيران، فإن الشعب الإيراني لا يصدق.. إنهم يستعدون لصيف أصعب وأكثر قسوة.