اتبع الكثير من المرشحين الأمريكيين نهج الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب في تبني نظريات تزوير الانتخابات حيث لجؤوا إلى التكتيكات المنافية للديمقراطية مثل تأكيدات بحصول تزوير انتخابي من دون تقديم أدلة. ومع ذلك وخلافًا لتوقعات الجمهوريين الذين كانوا يعولون على «موجة حمراء» في انتخابات منتصف الولاية، لحقت هزيمة نكراء بغالبية المرشحين الذين دعمهم الرئيس السابق.

إبعاد أنصارهم

ويقول مايك كولفيلد الباحث في «المركز من أجل رأي عام مطلع» في جامعة واشنطن، إن قادة الحزب الجمهوري «باتوا مقتنعين على ما يبدو بفكرة أن تبني نظرية المؤامرة أفضى إلى اختيارات سيئة على صعيد المرشحين وإلى تعبئة محدودة للناخبين وإلى زرع عدم الثقة بينهم وإلى آفات أخرى كثيرة».

ويضيف «سيحاول كثيرون الآن إبعاد أنصارهم من فرضيات المؤامرة حول التزوير الانتخابي».

حيث طبعت حملات التضليل الإعلامي الانتخابات التي نظمت، واجتاحت أخبار كاذبة تويتر وفيسبوك وتيك توك ويوتيوب مع صور معدلة تهدف إلى التلاعب بالناخبين، فضلا عن مقاطع فيديو تعتمد «التزييف العميق» (deepfake) وهي تقنية ذكاء اصطناعي تقوم على استبدال وجه بوجه آخر. وتُتهم المنصات المختلفة بالتخاذل في مكافحة هذه التهديدات.

منافسة البرازيل

وفي البرازيل، حيث شهدت الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية منافسة بين الرئيس اليميني المتطرف جايير بولسونارو والمرشح اليساري لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، زخرت الحملة الانتخابية بالتضليل الإعلامي؛ إذ إن الرئيس المنتهية ولايته ندد ــ على غرار دونالد ترمب ــ بحصول تزوير انتخابي من دون أن يبرز أي دليل.

وفاز لولا في نهاية المطاف، في حين أظهرت استطلاعات للرأي أن غالبية الناخبين البرازيليين لا يزالون يثقون بالتصويت الإلكتروني. إلا أن محللين حذروا من أن مكافحة التضليل الإعلامي لا تزال تحتاج إلى جهود حثيثة.

أداة فاعلة

ويشهد العالم عمومًا ميلًا متزايدًا للتضليل الإعلامي على صعيد الانتخابات ما يقلص ثقة الرأي العام بالمؤسسات الديمقراطية، وقد يؤدي إلى فوضى، إذ قد يسعى البعض إلى التلاعب بالنتائج.

ففي الفيليبين، بلغ التضليل الإعلامي عبر وسائل التواصل الاجتماعي مستويات «غير مسبوقة» خلال الانتخابات الرئاسية في مايو على ما تقول رايتشل خان من شبكة «تسيك-ف» للتدقيق في صحة الأخبار.

وتعرب عن أسفها لكون عمليات التحقق من صحة الأخبار «لا تأثير كبير لها» مشيرة إلى وجود «مشكلة كفاءات في وسائل الإعلام».

«فحتى الذين يقولون إنهم يدركون طريقة كشف التضليل الإعلامي لا يعرفون ذلك».

وفي كينيا اتهم المرشحان الأوفر حظًا في الانتخابات الرئاسية وليام روتو ورايلا أودينغا بتوظيف «مقاتلين» رقميين.

وبدأت الأخبار الكاذبة بالانتشار قبل نحو عام من الانتخابات في أغسطس الماضي، ولا سيما فيديوهات تحتوي على «تزييف عميق».

وأكدت محكمة كينيا العليا انتخاب وليام روتو إلا أن الكثير من أنصار رايلا أودينغا لا يزالون مقتنعين بحصول عمليات تزوير.

ومن المقرر إجراء انتخابات العام المقبل في نيجيريا، وبدأت من الآن تظهر تكتيكات مماثلة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

وفي الولايات المتحدة، حذر محللون من أن الحملات التي تزرع الشك حول نزاهة العملية الانتخابية قد تنتعش مع اقتراب انتخابات 2024 خصوصًا بعدما أعلن دونالد ترمب ترشحه.

وتقول باميلا سميث من مجموعة «فيريفايد فوتينغ» المستقلة «يبقى التضليل الإعلامي أداة فاعلة وسيستمر باستخدامها كل الأطراف الذين لا يعترفون بنتائج الانتخابات التي لا يفوزون بها».