مهمتان من مهام الأنثى، لا يستطيع أحد غيرها أداءها، (الحمل والإنجاب).

دور أنثوي خالص في كل المخلوقات، وبين كل الفصائل. جسد الأنثى لديه من القدرات والميزات ما يؤهله لأداء هذه المهمة الفسيولوجية.

ولأن الإنسان هو المخلوق الأكثر تهديدًا بالانقراض، لتناقص عدد المواليد، وتزايد نسبة العقم في العالم كله، ومن الممكن أن ينقرض الإنسان - حسب استنتاج ياباني قديم - بحلول عام 2500، ولكن ربما وحسب تناقص معدلات الإنجاب عالميًا، ينقرض الإنسان قبل ذلك التاريخ.

وتحت ضغوط (غريزة البقاء)، عكف الإنسان على استحداث طرق للتكاثر، فتوصل - بالعلم - إلى (التلقيح الصناعي، العلاجات الهرمونية، وأطفال الأنابيب)، فازدادت فرص الإنجاب لدى من لديهم مشكلات خصوبة.

ولكن ماذا لو أراد أحدهم إنجاب ذكر، فالفتيات في نظر البعض لا يخلدن الاسم، الذكور وحدهم يفعلون ذلك! حتى هؤلاء ساعدهم العلم في تحديد جنس المولود.

وظهرت فكرة (الانتقاء الجيني) لأن هناك من لديهم أمراض وراثية لا يعيش معها مواليدهم، فتنتقى الجينات السليمة للتلقيح، ليولد طفل معافى، مؤكدًا من جديد عظمة العلم ودور العلماء، بتوظيفه بما لا يتنافى مع الأخلاقيات، ويحافظ على سلامة البشرية، لا يخالطه شك، أو خوف.

نشأ (تأجير الأرحام) في بعض الدول، وهو (عمل تجاري) لا يناسب كل المعتقدات الدينية، خوفًا من اختلاط الأنساب. وتُستخدم في حالة عقم الأم لأسباب صحية، كأن يهدد الحمل صحتها، وأحيانًا تستخدم دون عذر صحي، وفقًا لرغبة الأم في الحفاظ على رشاقتها.

(الرحم الاصطناعي)، الذي يُزرع فيه الجنين، بديلًا عن رحم أمه، والتي أثيرت قبل فترة، فكرة أحببتها، كمختصة في طب حديثي الولادة، تذكرت أغلب أهالي مرضاي، وهم يظنون أن الحضانة بالعناية المركزة لحديثي الولادة تؤدي عمل الرحم، ويتبادر لأذهانهم أن مولودهم سيمكث بالحضانة حتى يستوفي التسعة أشهر، بينما الأمر غير ذلك.

الحضانة ليست رحمًا بديلًا، أو اصطناعيًا، كل ما تقدمه هو توفير الدفء ومنع فقدان سوائل الجسم بتوفير الرطوبة المناسبة، في بيئة بعيدة عن التلوث، أو المفترض أن تكون هكذا. الرحم الاصطناعي فكرة مختلفة، المفترض أن يؤدي فعليًا مهمة الرحم، من تغذية وحماية حتى توفير المناعة.

لكن ماذا لو استخدمت هذه الأرحام للخدج «الذين يولدون قبل وقتهم»، بوضعهم في هذه الأرحام عوضًا عن الحضانات. سيكون الأمر عظيمًا، سيكتمل الجنين حتى وقت إخراجه عند بلوغ الأسبوع الخامس والثلاثين مثلًا، فمضاعفات (الخداجة) تقل كثيرًا بعد إتمام الأسبوع الرابع والثلاثين من الحمل.

أعتقد أن أطباء النساء والولادة ستكون مهمتهم رعاية الجنين داخل هذا الرحم الاصطناعي وأطباء الأطفال يرعونه بعد ولادته، إذا احتاجت حالته.

لكن فكرة هذا الرحم ليست بجديدة، ربما لأنها بديهية، وبدأت عام 1954، بفضل إيمانويل جرينبرج، الذي صمم خزانًا يوضع فيه الجنين، يحتوي على السائل الذي يحيط به في رحم أمه وعلى آلة متصلة بالحبل السري، ومضخات الدم والكلى الاصطناعية.

وفي 1987 جرب العالم كوابارا الرحم الاصطناعي على أجنة الماعز، بزراعتها في الأسبوع 17 من الحمل لمدة 3 أسابيع.

عام 2017 شهد التطور الأعظم، حيث تقنية تعتمد على وجود كيس حيوي يحتوي على السائل الامنيوسي الصناعي، واستطاعت أجنة الماعز أن تبقى لمدة أربعة أسابيع إضافية، فتطورت أعضاء الأجنة، بالذات الدماغ والرئتين دون ضرر.

ويسعى العلماء لتحسين نظام الرحم الاصطناعي، ليمكن استخدامه في حالات الولادات المبكرة، للتقليل من مضاعفات الخداجة التي قد تؤدي إلى الوفاة أو الإعاقات، بالذات شديدي الخداجة الذين يولدون قبل إتمام الأسبوع الثامن والعشرين من الحمل.

ولكن من الممكن أيضًا وضع بويضة ملقحة، تُزرع في الرحم الاصطناعي، مثل فكرة تأجير الأرحام، بيد أن الأم الحاضنة لن تكون من لحم ودم، إنما في بيئة صناعية خالصة، ومثل هذا التطور الأعظم للفكرة، نفذت له تجربة على القردة في بكين.

وفي 2022 طور فريق بحثي بمدينة سوتشو غربي شنجهاي رحمًا مزوّدًا بتقنيات الذكاء الاصطناعي قادرًا على رعاية الأجنة البشرية في المختبر.

المخيف في الأمر، أن الجنين ينشأ وحيدًا لا يتصل بالبشر، لا تؤنس وحدته وتبدد وحشته دقات قلب أمه. فكيف يتطور إحساسه!

الطب أخلاقيات، لذلك هناك تخوف من الاستخدامات غير الأخلاقية لو أن هذه الفكرة خرجت من حيز الاختبارات والتجربة، إلى واقع الممارسة، والتي من الممكن أن تتعارض مع قيم دينية وإنسانية، وبالتأكيد سيكون إنجازًا عظيمًا، بوضع ضوابط وقوانين، مثل تلك التي تنظم (التلقيح الصناعي وأطفال الأنابيب).