من دواعي الفخر والفرح، أن يكون هناك مشروع لنظام يهتم بحقوق كبار السن ورعايتهم، وافق عليه مجلس الوزراء، الهدف منه حفظ حقوقهم ورفع جودة حياتهم، ما يسهم بشكل فعال في عدم المساس أو التعدي على حقوق كبار السن الاجتماعية والمالية والقانونية، وتشريعا ينص على عقوبات صارمة، لمن يسييء لهذه الفئة الغالية، التي قضت سنوات شبابها في عطاء نرى أثره في جوانب كثيرة من الحياة، التي نعيشها نحن وأبناؤنا ونتمتع بأثرعطائهم.

والمؤسف أن يقابل هذا التقدير من الدولة، التي أقرت قوانين تعزز تطبيق الأمر الرباني، والواجب الأخلاقي، والضمير الإنساني الذي يحتم علينا تقديرهم، يقابل بجحود من البعض، بالتبجح والإساءة في مواقع التواصل، واستكثار ممارستهم لأبسط حقوقهم في الترفيه عن أنفسهم، في المقاهي أو الأسواق أو أي من الممارسات الأخرى لملء فراغ وقتهم، الذي أصبح متسعا بعد ازدحام سابق، بعد أن وهن العظم واشتعل الرأس شيبا، وأصبح هذا الإنسان المعطاء بحاجة للراحة والهدوء والاستمتاع بالحياة، بعد تعب وعطاء، مصحوبا بتقدير وشكر وامتنان لما قدم وأعطى.

من المؤسف أن ينسى أو يتناسى، من اغتر بربيع العمر، أن عجلة الزمن تدور، وأن نضارة الشباب لا بد لها من خريف وذبول، الحياة تستمر مهما بلغ سن الإنسان ومهما كانت ظروفه، الأحكام المجتمعية الشرقية التي تضع للإنسان تاريخ صلاحية لعطائه، لتنتهي بتقدم عمره، وما يترتب على ذلك من تضييق نوافذ الفرح والترفيه، أو إغلاقها بوجهه من خلال لومه وانتقاده إن فتح أبواب الحياة، رافضا العزلة ليمارس حياته الطبيعية، أحكام ظالمة جائرة يجب أن نجد لها حلا.

وطبعا شواذ الفكر المجتمعي، الذين أصبحت منصات الإعلام الرقمي مكبا لنفايات فكرهم وأخلاقهم، يفاجئوننا كل يوم بأكوام من تجاوزات فاسدة.. لدرجة أننا نتمنى وجود قانون يضع سقفا لحدود الطرح، وغطاء لإناء فكرهم الغريب، الذي ينضح في عالم منصات التواصل الاجتماعي، التي تظهر شواذ الأفكار والأفعال، لتصبح تجاوزاتهم أحد مكونات الصورة النمطية للمجتمعات، والتي يعتبر الإعلام أحد مكوناتها، حين يرسخ فكرة يتناقلها الأفراد دون وعي، فتصبح ذات تأثير قوي في أفراد المجتمع وخاصة الصغار والمراهقين، إلى أن تتدرج لتصبح سمة مجتمعية، بغض النظر عن كونها سلبية أو إيجابية.

ما يؤسف له أن «الموضة الحالية السائدة» تغيرت من إيذاء المرأة والتنمر عليها، إلى التنمر على كبار السن والأطفال، بعد أن أصبحت المرأة واعية ومدركة تماما للقوانين التي تحميها وتوقف كل متنمر أو متجاوز عند حده.

لذلك اتجهت بوصلة متسلقي الشهرة السريعة إلى الشيوخ والصغار.. مستغلين عدم مواكبة كثير من كبار السن لمستجدات العالم الرقمي، وعدم معرفتهم بدهاليزه.. فأصبح الكبير الذي يجب أن نوقر سنه ومقامه، محتوى سهلا يستغل كثير من فارغي الثقافة والمحتوى، اختلاف ثقافة الأجيال، في نقل ما استتر من فجوة الأزمان أو ثأثيرات العمر وكره الكبير اطلاع الناس عليه، إلى العامة ليصبح محتوى من وجهة نظرهم كوميديا..!

مع إداركه أو عدم إدراكه، فكل حسب نيته. إن في ذلك اعتداء صريح على حقوقهم، وفيه استهتار بمبدأ احترام كبار السن.. وطبعا هم يستغلون عدم معرفة النسبة الأكبر من المسنين، بما لهم وما عليهم قانونيا، خاصة ما يعتبر مخالفا لنظام حقوق كبار السن، أو قانون الجرائم المعلوماتية.

ما يمارس ضد الكبير، يعاني منه الطفل أيضا، بسبب صغر سنه وكونه يجهل ما له وما عليه، بحكم أنه تحت وصاية والديه أو أحدهما، وهنا المصيبة أكبر حيث تسلق البعض على براءة أطفالهم ليصعد أسوار مدن التواصل دون احترام لطفولة الصغير أو براءته أو حقوقه.

متناسين، أو غافلين عن أن رسولنا الكريم عليه أفضل الصلوات وأتم التسليم يقول: «ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا»، وقوانين بلادنا - حفظها الله - تقيم ألف اعتبار للحقوق والواجبات والأخلاق والإنسانية التي تعلمناها من كبارنا، وأقرت أطرا وحواجز احترام، يجب ألا نتخطاها.

فليتنا نفكر ألف مرة قبل أن نضغط بلمسة إصبع خانة إرسال، على شاشات هواتف ذكية إن لم نتعامل معها بحذر ستكشف حجم غباء مستخدمها.