بالنظر إلى ما هو أبعد للتمتع بالحياة ونعيمها، هناك البيئة المحيطة وما تحتويها من مكونات وكائنات، فالسعودية لها تنوع خاص ومميز، وما زال الاكتشاف والبحث والجهود المبذولة من الجهات المعنية تُذكر فتشكر. ففي كل يوم نسمع أخبارا مميزة، تنم عن جهود عظيمة تُبذل للمحافظة على البيئة وإعادة التوازن إليها.

رؤية المملكة 2030 تسعى إلى استثمار مكامن القوة التي تميزت بها السعودية بفضل الله ثم بقياداتها المباركة، وتسخير كافة الإمكانات لتحقيقها. تبنت الرؤية العديد من المشروعات والمبادرات البيئية الرائدة لتنمية واستدامة الحياة الفطرية، التي جاء الاهتمام بها ضمن أهم محاور الرؤية. فبرنامج جودة الحياة من أبرز المبادرات التي تهدف لتحقيق الرؤية وأطلق في عام 2018، ويُعنى بتحسين جودة حياة الفرد والأسرة، من خلال تهيئة بيئة صحية متكاملة من جميع النواحي. وقد تمكن البرنامج بفضل الله من فتح آفاق جديدة لقطاعات جودة الحياة. يقدم المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية مبادرات ومشاريع نوعية متميزة تضمنت توعية للمجتمع بالأنشطة التي تهدد الحياة الفطرية وتعوق نموها، فقد قام المركز بالتعريف بأنظمة الصيد من خلال إصدار كتيب إرشادي لضوابطه، بالإضافة إلى مبادرات إطلاق عدة كائنات فطرية مهددة بالانقراض في عدة محميات ومتنزهات، بهدف إعادة توطينها واستعادة التنوع الإحيائي في بيئاتنا الطبيعية وترسيخ مفهوم الاستدامة البيئية. وهذا يعزز مفهوم الجودة المعمول به، فالتمازج بين التخطيط السليم والاستقراء الناضج للمتطلبات حقق إنجازات واضحة وغير مسبوقة. ويأتي ذلك كله باستخدام الجودة كسلاح فعّال لكسب السباق على جميع الأصعدة، وتحقيق الأهداف بتفاعل مجمل الأطراف الفاعلة. الجودة بنود ومبادئ ذات معان تصب في الإتقان، وقناعة والتزام من المورد البشري في المنظمة. فمنهجية دمينج PDCA في علم الجودة هي العمود الفقري لأي عمل إداري، ومتى ما تكاتفت بنودها الأربعة (خطط – نفذ -افحص -اتخذ القرار) تحقق النجاح والتفوق وهو ما نراه على أرض الواقع في إستراتيجيات المركز.

من أنجح الطرق وأكثرها فعالية لإعمار الأرض الحفاظ على البيئة واستعادة التوازن فيها. ففي الماضي كانت احتياجات الإنسان محدودة، وكان هناك تدخل واضح وسلوكيات غير مسؤولة تُمارس عليها، لكن الجهود المبذولة اليوم تحد من معدل الخسائر بفضل الله.

ليس هناك من ينكر حقيقة أنه بسبب التحضر والتدخلات البشرية أُجبرت الكائنات الفطرية على التراجع والانحدار بل والانقراض. لذا كل مخلوق له حق الوجود وتوفير المأوى المناسب له، فالمحافظة عليه واجب وطني وهو محل تقدير من حكومتنا. من البديهي أن الحياة الفطرية لا تعتبر ذات قيمة لمصلحتها فقط، بل بالعكس هي جزء من منظومة وبيئة طبيعية توفر الغذاء والمأوى والماء والوظائف الأخرى للغير. فنحن اليوم أمام تحديات كبيرة وهناك توسع في الاهتمامات، فأصبحنا متصلين أكبر بالبيئة وملزمين بالمحافظة عليها في آن واحد. نسعى اليوم إلى استعادة البيئة لحالتها الطبيعية والمحافظة على كوكب صحي ومزدهر، وأن نقف مرشدين ومحاسبين في وجه كل من يسعى لتدمير الحياة الفطرية.

فالحفاظ على الحياة الفطرية يُعنى بمنع أي انقراض أو تعريض للخطر حيثما أمكن، فالبشر قد يمارسون ضغطا على البيئة من خلال عدة ممارسات مقصودة أو غير مقصودة. فالمحافظة على البيئة وما تحتويه البيئة من نعم واجب إنساني عظيم.